الجن والإنس " نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين " تمنوا لشدة عدواتهم لهم بما أضلوهم أن يجعلوهم تحت أقدامهم في الدرك الأسفل من النار، وقيل: أي ندوسهما ونطؤهما بأقدامنا إذلالا لهما ليكونا من الأذلين، قال ابن عباس: ليكونا أشد عذابا منا.
وفي قوله تعالى: " لا يفتر عنهم العذاب " أي لا يخفف عنهم " وهم فيه مبلسون " آئسون من كل خير " ونادوا يا مالك " أي يدعون خازن جهنم فيقولون: " يا مالك ليقض علينا ربك " أي ليمتنا ربك حتى نتخلص ونستريح من هذا العذاب " قال " أي فيقول مالك مجيبا لهم: " إنكم ماكثون " أي لابثون دائمون في العذاب قال ابن عباس والسدي: إنما يجيبهم مالك بذلك بعد ألف سنة، وقال ابن عمر: بعد أربعين عاما " لقد جئناكم " أي يقول الله تعالى: لقد أرسلنا إليكم الرسل " بالحق " أي جاءكم رسلنا بالحق، وأضافه إلى نفسه لأنه كان بأمره، وقيل: هو قول مالك، و إنما قال: قد جئناكم؟ لأنه من الملائكة وهم من جنس الرسل " ولكن أكثركم " معاشر الخلق " للحق كارهون " لأنكم ألفتم الباطل فكرهتم مفارقته.
وفي قوله تعالى: " طعام الأثيم " أي الآثم وهو أبو جهل، وروي أن أبا جهل أتى بتمر وزبد فجمع بينهما وأكل وقال: هذا هو الزقوم الذي يخوفنا محمد به، نحن نتزقمه، أي نملا أفواهنا به، فقال سبحانه: " كالمهل " وهو المذاب من النحاس أو الرصاص أو الذهب أو الفضة، وقيل: هو دردي الزيت " يغلي في البطون كغلي الحميم " أي إذا حصلت في أجواف أهل النار تغلي كغلي الماء الحار الشديد الحرارة، قال أبو علي الفارسي: لا يجوز أن يكون المعنى: يغلي المهل في البطون، لان المهل إنما ذكر للتشبيه به في الذوب، ألا ترى أن المهل لا يغلي في البطون، وإنما يغلي ما يشبه به " خذوه " أي يقال للزبانية: " خذوه " بالاثم " فاعتلوه " (1) أي زعزعوه وادفعوه بعنف، وقيل: معناه: جروا على وجهه " إلى سواء الجحيم " أي إلى وسط النار " ثم