أشد مني قوة؟ فخلق الله له الموت وقهره (1) وذل الانسان، ثم إن الموت فخر في نفسه فقال الله عز وجل: لا تفخر فإني ذابحك بين الفريقين: أهل الجنة، وأهل النار، ثم لا أحييك أبدا فترجى أو تخاف، الحديث. " الروضة ص 149 " تذنيب: اعلم أن خلود أهل الجنة في الجنة مما أجمعت عليه المسلمون، وكذا خلود الكفار في النار ودوام تعذيبهم، قال شارح المقاصد: أجمع المسلمون على خلود أهل الجنة في الجنة، وخلود الكفار في النار، فإن قيل: القوى الجسمانية متناهية فلا يعقل خلود الحياة، وأيضا الرطوبة التي هي مادة الحياة تنفى بالحرارة سيما حرارة نار جهنم فيفضي إلى الفناء ضرورة، وأيضا دوام الاحراق مع بقاء الحياة خروج عن قضية العقل، قلنا: هذه قواعد فلسفية غير مسلمة عند المليين، ولا صحيحة عند القائلين بإسناد الحوادث إلى القادر المختار على تقدير تناهي القوى وزوال الحياة لجواز أن يخلق الله البدل فيدوم الثواب والعقاب، قال الله تعالى: كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب " هذا حكم الكافر المعاند، وكذا من بالغ في الطلب والنظر واستفرغ المجهود ولم ينل المقصود خلافا للجاحظ والقسري حيث زعما أنه معذور، إذ لا يليق بحكمة الحكيم أن يعذبه مع بذله الجهد والطاقة من غير جرم وتقصير، كيف وقد قال الله تعالى: " ما جعل عليكم في الدين من حرج (2) * ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج " (3) ولا شك أن عجز المتحير أشد، وهذا الفرق خرق للاجماع وترك للنصوص الواردة في هذا الباب، هذا في حق الكفار عنادا أو اعتقادا، وأما الكفار حكما كأطفال المشركين فكذلك عند الأكثرين لدخولهم في العمومات، ولما روي أن خديجة سألت النبي صلى الله عليه وآله عن أطفالها الذين ماتوا في الجاهلية، فقال: هم في النار. وقالت المعتزلة ومن تبعهم: لا يعذبون بل هم خدم أهل الجنة على ما ورد في الحديث، لان تعذيب من لا جرم له ظلم، ولقوله
(٣٥٠)