عليها كل نبي وكل خليفة نبي مع المذنبين من أهل زمانه، كما يقف صاحب الجيش مع الضعفاء من جنده، وقد سبق المحسنون إلى الجنة، فيقول ذلك الخليفة للمذنبين الواقفين معه: انظروا إلى إخوانكم المحسنين قد سبقوا إلى الجنة، فيسلم المذنبون عليهم، وذلك قوله: " ونادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم ".
ثم أخبر سبحانه أنهم لم يدخلوها وهم يطمعون، يعني هؤلاء المذنبين لم يدخلوا الجنة وهم يطمعون أن يدخلهم الله إياها بشفاعة النبي والامام، وينظر هؤلاء المذنبون إلى أهل النار ويقولون: " ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين " ثم ينادي أصحاب الأعراف وهم الأنبياء والخلفاء أهل النار مقرعين لهم: " ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون " به " أهؤلاء الذين أقسمتم " يعني أهؤلاء المستضعفين الذين كنتم تحقرونهم وتستطيلون بدنياكم عليهم، ثم يقولون لهؤلاء المستضعفين عن أمر من الله لهم بذلك: " ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون ".
ويؤيده ما رواه أبو القاسم الحسكاني بإسناده إلى الأصبغ بن نباتة قال: كنت جالسا عند علي عليه السلام فأتاه ابن الكواء فسأله عن هذه الآية، فقال: ويحك يا بن الكواء نحن نوقف يوم القيامة بين الجنة والنار، فمن نصرنا عرفناه بسيماه فأدخلناه الجنة، ومن أبغضنا عرفناه بسيماه فأدخلناه النار، وقوله: " يعرفون كلا بسيماهم " يعني هؤلاء الرجال الذين هم على الأعراف يعرفون جميع الخلق بسيماهم، يعرفون أهل الجنة بسيماء المطيعين، وأهل النار بسيماء العصاة " ونادوا أصحاب الجنة " يعني هؤلاء الذين على الأعراف ينادون أصحاب الجنة " أن سلام عليكم " وهذا تسليم تهنئة وسرور بما وهب الله لهم " لم يدخلوها " أي لم يدخلوا الجنة بعد " وهم يطمعون " أن يدخلوها، قيل: إن الطمع ههنا طمع يقين مثل قول إبراهيم: " والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين ". (1) " وإذا صرفت أبصارهم " أي أبصار أهل الأعراف " تلقاء أصحاب النار " أي إلى