المشعلة " إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا " أي إذا طرح الكفار في النار سمعوا للنار صوتا فظيعا مثل صوت القدر عند غليانها وفورانها، فيعظم بسماع ذلك عذابهم لما يرد على قلوبهم من هوله " وهي تفور " أي تغلي بهم كغلي المرجل (1) " تكاد تميز " أي تتقطع وتتمزق من الغيظ أي شدة الغضب، سمى سبحانه شدة التهاب النار غيظا على الكفار؟ لان المغتاظ هو المتقطع مما يجد من الألم الباعث على الايقاع بغيره، فحال جهنم كحال المتغيظ " كلما القي فيها " أي كلما طرح في النار " فوج " من الكفار " سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير " أي يقول لهم الملائكة الموكلون بالنار على وجه التبكيت لهم في صيغة الاستفهام: ألم يجئكم مخوف من جهة الله سبحانه يخوفكم عذاب هذه النار؟ " قالوا بلى قد جائنا نذير " أي مخوف فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شئ " أي لم نقبل منه، بل قلنا ما نزل الله شيئا مما تدعونا إليه وتحذرونا منه، فتقول لهم الملائكة: " إن أنتم إلا في ضلال كبير " أي لستم اليوم إلا في عذاب عظيم، وقيل: معناه: قلنا للرسل: ما أنتم إلا في ضلال، أي ذهاب عن الصواب. كبير في قولكم: أنزل الله علينا كتابا " وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل " من النذر ما جاؤونا به ودعونا إليه وعملنا بذلك " ما كنا في أصحاب السعير " قال الزجاج: لو كنا نسمع سمع من يعي ويفكر ونعقل عقل من يميز وينظر ما كنا من أهل النار " فاعترفوا بذنبهم " في ذلك الوقت الذي لا ينفعهم فيه الاقرار والاعتراف " فسحقا لأصحاب السعير " هذا دعاء عليهم، أي أسحقهم الله وأبعدهم من النجاة سحقا.
وفي قوله: " وأما القاسطون " العادلون عن طريق الحق والدين " فكانوا " في علم الله وحكمه " لجهنم حطبا " يلقون فيها فتحرقهم كما تحرق النار الحطب، أو يكون معناه: فسيكونون لجهنم حطبا توقد بهم كما توقد النار بالحطب.
وفي قولة: " يسلكه عذابا صعدا " أي يدخله عذابا شاقا شديدا متصعدا في العظم، وإنما قال: يسلكه؟ لأنه تقدم ذكر الطريقة، وقيل: معناه عذابا ذا صعد، أي ذا مشقة. وفي قوله تعالى: " إن لدنيا أنكالا " أي عندنا في الآخرة قيودا عظاما