أحلنا دار المقامة " أي أنزلنا دار الخلود يقيمون فيها أبدا لا يموتون ولا يتحولون عنها " من فضله " أي ذلك بتفضله وكرمه " لا يمسنا فيها نصب " أي لا يصيبنا في الجنة عناء ومشقة " ولا يمسنا فيها لغوب " أي أعياء ومتعبة في طلب المعاش.
وفي قوله تعالى: " إن أصحاب الجنة اليوم في شغل " شغلهم النعيم الذي شملهم وغمرهم بسروره عما فيه أهل النار من العذاب، عن الحسن والكلبي، فلا يذكرونهم ولا يهتمون بهم وإن كانوا أقاربهم، وقيل: شغلوا بافتضاض العذاري، عن ابن عباس وابن مسعود، وهو المروي عن الصادق عليه السلام، قال: وحواجبهن كالأهلة وأشفار أعينهن كقوادم النسور. وقيل: باستماع الألحان، عن وكيع، وقيل: شغلهم في الجنة سبعة أنواع من الثواب لسبعة أعضاء: فثواب الرجل بقوله: " ادخلوها بسلام آمنين " وثواب اليد: " يتنازعون فيها كأسا لا لغو فيها ولا تأثيم " وثواب الفرج: " وحور عين " وثواب الفم: " كلوا واشربوا هنيئا " الآية، وثواب اللسان: " وآخر دعواهم " الآية، وثواب الاذن: " لا يسمعون فيها لغوا " ونظائرها، وثواب العين: " وتلذ الأعين ".
" فاكهون " أي فرحون، عن ابن عباس، وقيل: ناعمون معجبون بما هم فيه، قال أبو زيد: الفكه: الطيب النفس الضحوك، رجل فكه وفاكه، ولم يسمع لهذا فعل في الثلاثي. وقال أبو مسلم: إنه مأخوذ عن الفكاهة فهو كناية عن الأحاديث الطيبة.
وقيل: فاكهون: ذوو فاكهة، كما يقال: لاحم شاحم، أي ذو لحم وشحم، وعاسل ذو عسل " هم وأزواجهم في ظلال " أي هم وحلائلهم في الدنيا ممن وافقهم على إيمانهم في أستار عن وهج النار وسمومها، فهم في مثل تلك الحال الطيبة من الظلال التي لا حر فيها ولابرد، وقيل: أزواجهم التي زوجهم الله تعالى من الحور العين في ظلال أشجار الجنة، وقيل في ظلال تسترهم من نظر العيون إليهم " على الأرائك " وهي السرر عليها الحجال، وقيل هي الوسائد " متكؤن " أي جالسون جلوس الملوك، إذ ليس لهم من الاعمال شئ، قال الأزهري: كل ما اتكئ عليه فهو أريكة " لهم فيها " أي في الجنة " فاكهة ولهم ما يدعون " أي ما يتمنون ويشتهون، قال أبو عبيدة: تقول العرب: ادع علي ما شئت، أي تمن علي، وقيل: معناه أن كل من يدعي شيئا فهو