فنسب الانساء إلى عباده المؤمنين وإن لم يفعلوا؟ لما كانوا السبب في ذلك " وكنتم منهم تضحكون * إني جزيتهم اليوم بما صبروا " أي بصبرهم على أذاكم وسخريتكم " إنهم هم الفائزون " أي الظافرون بما أرادوا والناجون في الآخرة " قال " أي قال الله تعالى للكفار يوم البعث، وهو سؤال توبيخ وتبكيت لمنكري البعث " كم لبثتم في الأرض " أي في القبور " عدد سنين * قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم " لأنهم لم يشعروا بطول لبثهم و مكثهم لكونهم أمواتا، وقيل: إنه سؤال لهم عن مدة حياتهم في الدنيا، فقالوا: لبثنا يوما أو بعض يوم، استقلوا حياتهم في الدنيا لطول لبثهم ومكثهم في النار، عن الحسن، قال: ولم يكن ذلك كذبا منهم، لأنهم أخبروا بما عندهم، وقيل: إن المراد به يوما أو بعض يوم من أيام الآخرة، وقال ابن عباس: أنساهم الله قدر لبثهم فيرون أنهم لم يلبثوا إلا يوما أو بعض يوم لعظم ما هم بصدده من العذاب " فسئل العادين " يعني الملائكة، لأنهم يحصون أعمال العباد، وقيل: يعني الحساب لأنهم يعدون الشهور والسنين " قال " الله تعالى " إن لبثتم إلا قليلا " لان مكثكم في الدنيا أو في القبور و إن طال فإن منتهاه قليل بالإضافة إلى طول مكثكم في عذاب جهنم " لو أنكم كنتم تعلمون " صحة ما أخبرناكم به، وقيل: معناه: لو كنتم تعلمون قصر أعماركم في الدنيا وطول مكثكم في الآخرة في العذاب لما اشتغلتم بالكفر والمعاصي.
وفي قوله سبحانه: " وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا " أي نارا تتلظى، ثم وصف ذلك السعير فقال: " إذا رأتهم من مكان بعيد " أي من مسيرة مائة عام، عن السدي والكلبي، وقال أبو عبد الله عليه السلام: من مسيرة سنة، ونسب الرؤية إلى النار وإنما يرونها هم؟ لان ذلك أبلغ، كأنها تراهم رؤية الغضبان الذي يزفر غيظا، وذلك قوله:
" سمعوا لها تغيظا وزفيرا " وتغيظها: تقطعها عند شدة اضطرابها، وزفيرها صوتها عند شدة التهابها كالتهاب الرجل المغتاظ، والتغيظ لا يسمع وإنما يعلم بدلالة الحال عليه، وقيل: معناه: سمعوا لها صوت تغيظ وغليان، قال عبيد بن عمير: إن جهنم لتزفر زفرة لا يبقى نبي ولا ملك إلا خر لوجهه. وقيل: التغيظ للنار والزفير لأهلها كأنه يقول. رأوا للنار تغيظا، وسمعوا لأهلها زفيرا " وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا "