أرض وهذا مثل الأول أو قريب منه، وثالثها: أن المراد ما دامت الآخرة وهي دائمة أبدا، كما أن دوام السماء والأرض في الدنيا قدر مدة بقائها، ورابعها: أنه لايراد به السماء والأرض بعينهما، بل المراد التبعيد، فإن للعرب ألفاظا للتبعيد في معنى التأبيد يقولون: لا أفعل ذلك ما اختلف الليل والنهار، وما دامت السماوات والأرض، وما ذر شارق، وأشباه ذلك كثيرة ظنا منهم أن هذه الأشياء لا تتغير، ويريدون بذلك التأبيد لا التوقيت، فخاطبهم الله سبحانه بالمتعارف من كلامهم على قدر عقولهم وما يعرفون.
وأما الكلام في الاستثناء فقد اختلف فيه أقوال العلماء على وجوه: أحدها: أنه استثنى في الزيادة من العذاب لأهل العذاب والزيادة من النعيم لأهل الجنة، والتقدير:
إلا ما شاء ربك من الزيادة على هذا المقدار، كما يقول الرجل لغيره: لي عليك ألف دينار إلا الألفين اللذين أقرضتكهما وقت كذا، فالألفان زيادة على الألف بغير شك، لان الكثير لا يستثنى من القليل فيكون على هذا (إلا) بمعنى سوى، وثانيها: أن الاستثناء واقع على مقامهم في المحشر والحساب لأنهم حينئذ ليسوا في جنة ولا نار، ومدة كونهم في البرزخ الذي هو ما بين الموت والحياة، لأنه تعالى لو قال: خالدين فيها أبدا ولم يستثن لظن ظان أنهم يكونون في النار أو الجنة من لدن نزول الآية، أو من بعد انقطاع التكليف فحصل للاستثناء فائدة.
وثالثها أن الاستثناء الأول يتصل بقوله: " لهم فيها زفير وشهيق " وتقديره إلا ما شاء ربك من أنواع العذاب على هذين الضربين (1) ولا يتعلق الاستثناء بالخلود، وفي أهل الجنة يتصل بما دل عليه الكلام، فكأنه قال: لهم فيها نعيم إلا ما شاء ربك من أنواع النعيم وإنما دل عليه قوله: " عطاء غير مجذوذ ".
ورابعها أن يكون إلا بمعنى الواو أي وما شاء ربك، عن الفراء وقد ضعفه محقق والنحويين.
وخامسها أن المراد بالذين شقوا من ادخل النار من أهل التوحيد الذين