والنبوة، أي فكفرتم وعاندتم حتى استحققتم هذا العذاب " قالوا بلى " جاءتنا الرسل والبينات فكذبناهم وجحدنا نبوتهم " قالوا فادعوا " أي قالت الخزنة: فادعوا أنتم فإنا لا ندعو إلا بإذن الله ولم يؤذن لنا فيه، وقيل: إنما قالوا ذلك استخفافا بهم، وقيل: معناه: فادعوا بالويل والثبور " وما دعاء الكافرين إلا في ضلال " أي في ضياع، لأنه لا ينفع.
وفي قوله: " يسحبون في الحميم " أي يجرون في الماء الحار الذي قد انتهت حرارته " ثم في النار يسجرون " أي ثم يقذفون في النار، وقيل: أي ثم يصيرون وقود النار " ثم قيل لهم " أي لهؤلاء الكفار إذا دخلوا النار على وجه التوبيخ " أين ما كنتم تشركون من دون الله " من أصنامكم " قالوا ضلوا عنا " أي ضاعوا وهلكوا فلا نراهم ولا نقدر عليهم، ثم يستدركون فيقولون: " بل لم نكن ندعو من قبل شيئا " أي شيئا يستحق العبادة ولا ما ننتفع بعبادته، وقيل: لم نكن ندعو شيئا ينفع ويضر ويسمع ويبصر، وهذا كما يقال لكل ما لا يغني شيئا: هذا ليس بشئ، وقيل: معناه: ضاعت عبادتنا لهم فلم نكن نصنع شيئا إذ عبدناها، كما يقول المتحسر: ما فعلت شيئا " كذلك يضل الله الكافرين " أي كما أضل أعمال هؤلاء وأبطل ما كانوا يأملونه كذلك يفعل بجميع من يتدين بالكفر فلا ينتفعون بشئ من أعمالهم، وقيل: " يضل الله أعمالهم " أي يبطلها، وقيل: يضلهم عن طريق الجنة والثواب كما أضلهم عما اتخذوه إلها بأن صرفهم عن الطمع في نيل منفعة من جهتها " ذلكم " العذاب الذي نزل بكم " بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تمرحون " أي تأشرون وتبطرون.
وفي قوله تعالى: " أسوء الذي كانوا يعملون " أي نجازيهم بأقبح الجزاء على أقبح معاصيهم وهو الكفر والشرك، وخص الأسوأ بالذكر للمبالغة في الزجر، وقيل:
معناه: لنجزينهم بأسوأ أعمالهم وهي المعاصي دون غيرها مما لا يستحق به العذاب.
" وقال الذين كفروا ربنا أرنا اللذين أضلانا من الجن والإنس " يعنون إبليس الأبالسة، وقابيل بن آدم أول من أبدع الكفر والضلال والمعصية، روي ذلك عن علي عليه السلام، وقيل: كل من دعى إلى الضلال والكفر من الجن والإنس، والمراد باللذين جنس