وأما جنة آدم فهي جنة من جنان الدنيا، تطلع الشمس فيها وتغيب، و ليست بجنة الخلد، ولو كانت جنة الخلد ما خرج منها أبدا.
واعتقادنا أن بالثواب يخلد أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار، وما من أحد يدخل الجنة حتى يعرض عليه مكانه من النار فيقال له: هذا مكانك الذي لو عصيت الله لكنت فيه، وما من أحد يدخل النار حتى يعرض عليه مكانه من الجنة، فيقال له: هذا مكانك الذي لو أطعت الله لكنت فيه، فيورث هؤلاء مكان هؤلاء وذلك قول الله عز وجل: " أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون " (1) وأقل المؤمنين منزلة في الجنة من له مثل ملك الدنيا (2) عشر مرات " ص 89 - 92 " أقول: وقال الشيخ المفيد رحمه الله في شرح هذا الكلام: الجنة دار النعيم لا يلحق من دخلها نصب ولا يلحقهم فيها لغوب، جعلها الله دارا لمن عرفه وعبده، ونعيمها دائم لا انقطاع له، والساكنون فيها على أضرب: فمنهم من أخلص لله تعالى فذلك الذي يدخلها على أمان من عذاب الله تعالى، ومنهم من خلط عمله الصالح بأعمال سيئة كان يسوف منها التوبة فاخترمته المنية (3) قبل ذلك، فلحقه ضرب من العقاب في عاجله وآجله، أوفي عاجله، دون آجله، ثم سكن الجنة بعد عفو أو عقاب، ومنهم من يتفضل عليه بغير عمل سلف منه في الدنيا وهم الولدان المخلدون الذين جعل الله تعالى تصرفهم لحوائج أهل الجنة ثوابا للعاملين، وليس في تصرفهم مشاق عليهم و لا كلفة، لأنهم مطبوعون إذ ذاك على المسارة بتصرفهم في حوائج أهل الجنة، وثواب أهل الجنة الابتذال بالمآكل (4) والمشارب والمناظر والمناكح وما تدركه حواسهم مما يطبعون على الميل إليه ويدركون مرادهم بالظفر به، وليس في الجنة من البشر