أما الثواب فلانه لولا ذلك لكان العوض والتفضل أكمل منه، لأنه يجوز خلوصهما من الشوائب، وحينئذ يكون الثواب أنقص درجة وإنه غير جائز، وأما العقاب فلانه أعظم في الزجر (1) فيكون لطفا، ولما ذكر أن الثواب خالص عن الشوائب ورد عليه أن أهل الجنة يتفاوتون في الدرجات، فالأنقص إذا شاهد من هو أعظم ثوابا حصل له الغم بنقص درجته عنه وبعدم اجتهاده في العبادة، وأيضا فإنهم يجب عليهم الشكر لنعم الله تعالى، والاخلال بالقبائح، وفي ذلك مشقة.
والجواب عن الأول أن شهوة كل مكلف مقصورة على ما حصل له ولا يغتم بفقد الأزيد لعدم استيهاله له، (2) وعن الثاني أنه يبلغ سرورهم بالشكر على النعمة إلى حد ينتفي المشقة معه، وأما الاخلال بالقبائح فإنه لا مشقة عليهم فيها، لأنه تعالى يغنيهم بالثواب ومنافعه عن فعل القبيح، فلا يحصل لهم مشقة، وأما أهل النار فإنهم يلجؤون إلى فعل ما يجب عليهم وترك القبائح، فلا يصدر عنهم، وليس ذلك تكليفا لأنه بالغ حد الالجاء، ويحصل من ذلك نوع من العقاب أيضا.
205 - الاختصاص: أحمد بن محمد بن عيسى، عن سعيد بن جناح، عن عوف بن عبد الله الأزدي، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا أراد الله تبارك وتعالى قبض روح المؤمن قال: يا ملك الموت انطلق أنت وأعوانك إلى عبدي فطال ما نصب نفسه من أجلي، فأتني بروحه لأريحه عندي، فيأتيه ملك الموت بوجه حسن، وثياب طاهرة، وريح طيبة، فيقوم بالباب فلا يستأذن بوابا، ولا يهتك حجابا، ولا يكسر بابا، معه خمسمائة ملك أعوان، معهم طنان الريحان، والحرير الأبيض، والمسك الأذفر فيقولون: السلام عليك يا ولي الله أبشر فإن الرب يقرؤك السلام، أما إنه عنك راض غير غضبان، وأبشر بروح وريحان وجنة نعيم، قال: أما الروح فراحة من الدنيا وبلائها، وأما الريحان من كل طيب في الجنة، فيوضع على ذقنه فيصل ريحه إلى روحه، فلا يزال في راحة حتى يخرج نفسه، ثم يأتيه رضوان خازن الجنة