معناه: وإذا ألقوا من النار في مكان ضيق يضيق عليهم كما يضيق الزج في الرمح، عن أكثر المفسرين.
وفي الحديث عنه عليه السلام في هذه الآية: والذي نفسي بيده إنهم يستكرهون في النار كما يستكره الوتد في الحائط " مقرنين " أي مصفدين، قرنت أيديهم إلى أعناقهم في الأغلال، وقيل: قرنوا مع الشيطان في السلاسل والاغلال، عن الجبائي " دعوا هنالك ثبورا " أي دعوا بالويل والهلاك على أنفسهم، كما يقول القائل: وا ثبوراه أي وا هلاكاه، وقيل: وا انصرافاه عن طاعة الله فتجيبهم الملائكة: " لا تدعو ا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا " أي لا تدعوا ويلا واحدا وادعوا ويلا كثيرا، أي لا ينفعكم هذا وإن كثر منكم، قال الزجاج: معناه: هلاككم أكبر من أن تدعوا مرة واحدة.
وفي قوله تعالى: " الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم " أي يسحبون على وجوههم إلى النار وهم كفار مكة، وذلك لأنهم قالوا: لمحمد وأصحابه هم شر خلق الله، فأنزل الله سبحانه: " أولئك شر مكانا " أي منزلا ومصيرا " وأضل سبيلا " أي دينا وطريقا من المؤمنين. وروى أنس قال: إن رجلا قال: يا نبي الله كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟ قال: إن الذي أمشاه على رجليه قادر أن يمشيه على وجهه يوم القيامة.
وفي قوله تعالى: " إن عذابها كان غراما " أي لازما ملحا دائما غير مفارق.
وفي قوله: " يلق أثاما " أي عقوبة وجزاء لما فعل، وقيل: إن أثاما اسم واد في جهنم، عن ابن عمر وقتادة ومجاهد وعكرمة. وفي قوله تعالى: " يستعجلونك بالعذاب وإن جهنم لمحيطة بالكافرين " يعني أن العذاب وإن لم يأتهم في الدنيا فإن جهنم محيطة بهم، أي جامعة لهم وهم معذبون فيها لا محالة " يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم " يعني أن العذاب يحيط بهم، لا أنه يصل إلى موضع منهم دون موضع، فلا يبقى جزء منهم إلا وهو معذب في النار، عن الحسن، وهو كقوله:
" لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش ونقول ذوقوا ما كنتم تعملون " أي جزاء أعمالكم.