هذا " أي يدعون عليهم بهذا إذا حصلوا في نار جهنم، أي من سبب لنا هذا العذاب و دعانا إلى ما استوجبنا به ذلك " فزده عذابا ضعفا " أي مثلا مضاعفا إلى ما يستحقه من النار، أحد الضعفين لكفرهم بالله، والضعف الآخر لدعائهم إيانا إلى الكفر " وقالوا مالنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار " أي يقولون ذلك حين ينظرون في النار فلا يرون من كان يخالفهم فيها معهم وهم المؤمنون، عن الكلبي، وقيل:
نزلت في أبي جهل والوليد بن المغيرة وذويهما، يقولون: مالنا لا نرى عمارا وخبابا و صهيبا وبلالا الذين كنا نعدهم في الدنيا من جملة الذين يفعلون الشر والقبيح ولا يفعلون الخير، عن مجاهد. وروى العياشي بالاسناد عن جابر، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: أهل النار يقولون: مالنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار، يعنونكم لا يرونكم في النار، لا يرون والله أحدا منكم في النار.
" اتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الابصار " معناه أنهم يقولون لما لم يروهم في النار: اتخذناهم هزوا في الدنيا فأخطأنا، أم عدلت عنهم أبصارنا فلا نراهم وهم معنا في النار " إن ذلك لحق " أي ما ذكر قبل هذا لحق، أي كائن لا محالة. ثم بين ما هو فقال: " تخاصم أهل النار " يعني تخاصم الاتباع والقادة، أو مجادلة أهل النار بعضهم لبعض على ما أخبر عنهم.
وفي قوله تعالى: " قل إن الخاسرين " في الحقيقة هم " الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة " فلا ينتفعون بأنفسهم، ولا يجدون في النار أهلا كما كان لهم في الدنيا أهل، فقد فاتتهم المنفعة بأنفسهم وأهليهم، وقيل: خسروا أنفسهم بأن قذفوها بين أطباق الجحيم، وخسروا أهليهم الذين أعدوا لهم في جنة النعيم، عن الحسن.
قال ابن عباس: إن الله تعالى جعل لكل إنسان في الجنة منزلا وأهلا، فمن عمل بطاعته كان له ذلك، ومن عصاه فصار إلى النار، ودفع منزله وأهله إلى من أطاع فذلك قوله: " أولئك هم الوارثون ".
" ألا ذلك هو الخسران المبين " أي الظاهر الذي لا يخفى " لهم من فوقهم ظلل من النار " أي سرادقات وأطباق من النار ودخانها نعوذ بالله منها " ومن تحتهم ظلل "