الشياطين " يسأل عن هذا فيقال: كيف شبه طلع هذه الشجرة برؤوس الشياطين وهي لا تعرف، وإنما يشبه الشئ بما يعرف؟ وأجيب عنه بثلاثة أجوبة: أحدها أن رؤوس الشياطين ثمرة يقال لها: أستن، (1) قال الأصمعي: يقال له الصورم. وثانيها أن الشيطان جنس من الحيات فشبه سبحانه طلع تلك الشجرة برؤوس تلك الحيات.
وثالثها أن قبح صور الشياطين متصور في النفوس، ولذلك يقولون لما يستقبحونه جدا:
كأنه شيطان، فشبه سبحانه طلع هذه الشجرة بما استقرت شناعته في قلوب الناس، وهذا قول ابن عباس ومحمد بن كعب، وقال الجبائي: إن الله تعالى يشوه خلق الشياطين في النار حتى أنه لو رآه راء من العباد لاستوحش منهم، فلذلك شبه برؤوسهم.
" فإنهم لآكلون منها " يعني أن أهل النار ليأكلون من ثمرة تلك الشجرة " فمالؤن منها البطون " أي يملؤون بطونهم منها لشدة ما يلحقهم من ألم الجوع، وقد روي أن الله تعالى يجوعهم حتى ينسوا عذاب النار من شدة الجوع، فيصرخون إلى مالك فيحملهم إلى تلك الشجرة وفيهم أبو جهل فيأكلون منها فتغلي بطونهم كغلي الحميم، فيستسقون فيسقون شربة من الماء الحار الذي بلغ نهايته في الحرارة، فإذا قربوها من وجوههم شوت وجوههم، فذلك قوله: " يشوي الوجوه " فإذا وصل إلى بطونهم صهر ما في بطونهم، كما قال سبحانه: " يصهر به ما في بطونهم والجلود " فذلك شرابهم وطعامهم " ثم إن لهم عليها " زيادة على شجرة الزقوم " لشوبا من حميم " أي خلطا ومزاجا من ماء حار يمزج ذلك الطعام بهذا الشراب، وقيل: إنهم يكرهون على ذلك عقوبة لهم " ثم إن مرجعهم " بعد أكل الزقوم وشراب الحميم " لألى الجحيم " وذلك أنهم يوردون الحميم لشربه وهو خارج من الجحيم، كما تورد الإبل إلى الماء ثم يوردون إلى الجحيم، ويدل على ذلك قوله: " يطوفون بينها وبين حميم آن " و الجحيم النار الموقدة، والمعنى أن الزقوم والحميم طعامهم وشرابهم، والجحيم المسعرة منقلبهم ومآبهم.