الضحاك " يشوي الوجوه " أي ينضجها عند دنوه منها ويحرقها، وإنما جعل سبحانه ذلك إغاثة؟ لاقترانه بذكر الاستغاثة " بئس الشراب " ذلك المهل " وساءت " النار " مرتفقا " أي متكأ لهم، وقيل: ساءت مجتمعا، مأخوذا من المرافقة وهي الاجتماع عن مجاهد، وقيل: منزلا مستقرا عن ابن عباس.
وفي قوله: " إنا اعتدنا جهنم للكافرين نزلا " أي منزلا، وقيل: أي معدة مهيأة لهم عندنا كما يهيأ النزل للضيف. وفي قوله تعالى: " لنحشرنهم والشياطين " أي لنجمعنهم ولنبعثنهم من قبورهم مقرنين بأوليائهم من الشياطين، وقيل: و لنحشرنهم ولنحشرن الشياطين أيضا " ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا " أي مستوفزين (1) على الركب، والمعنى: يجثون حول جهنم متخاصمين، ويتبرء بعضهم من بعض، لان المحاسبة تكون بقرب جهنم، وقيل: جثيا أي جماعات جماعات، عن ابن عباس، كأنه قيل: زمرا، وهي جمع جثوة وهي المجموع من التراب والحجارة، وقيل:
معناه: قياما على الركب، وذلك لضيق المكان بهم لا يمكنهم أن يجلسوا " ثم لننزعن من كل شيعة " أي لنستخرجن من كل جماعة " أيهم أشد على الرحمن عتيا " أي الأعتى فالأعتى منهم، قال قتادة: لننزعن من أهل كل دين قادتهم ورؤسهم في الشر، والعتي ههنا مصدر كالعتو وهو التمرد في العصيان، وقيل: نبدء بالأكبر جرما فالأكبر، عن مجاهد وأبي الأحوص " ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى بها صليا " أي نحن أعلم بالذين هم أولى بشدة العذاب " وإن منكم إلا واردها " أي ما منكم واحد إلا واردها، والهاء راجعة إلى جهنم، فاختلف العلماء في معنى الورود على قولين: أحدهما أن ورودها هو الوصول إليها والاشراف عليها لا الدخول فيها، كقوله تعالى: " ولما ورد ماء مدين " (2) وقوله سبحانه: " فأرسلوا واردهم " (3) وقال الزجاج: والحجة القاطعة في ذلك قوله سبحانه: " إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها