وفي قوله تعالى: " فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا " هذا تهديد لهم في صورة الامر أي فليضحك هؤلاء المنافقون في الدنيا قليلا، لان ذلك يفنى وإن دام إلى الموت، و لان الضحك في الدنيا قليل لكثرة أحزانها وهمومها، وليبكوا كثيرا في الآخرة لان ذلك يوم مقداره خمسون ألف سنة، وهم فيه يبكون فصار بكاؤهم كثيرا.
قال ابن عباس: إن أهل النفاق ليبكون في النار مدة عمر الدنيا ولا يرقأ لهم دمع ولا يكتحلون بنوم.
وفي قوله: " على شفا جرف " الشفا: حرف الشئ وشفيره، وحرفه: نهايته في المساحة، وجرف الوادي: جانبه الذي ينحفر بالماء أصله، وهار البناء وانهار وتهور:
تساقط.
وفي قوله سبحانه: " من ورائه جهنم " أي بين يدي هذا الجبار، أو من خلفه " ويسقى من ماء صديد " أي يسقى مما يسيل من الدم والقيح من فروج الزواني في النار، عن أبي عبد الله عليه السلام وأكثر المفسرين، أي لونه لون الماء (1) وطعمه طعم الصديد.
وروى أبو أمامة، عن النبي صلى الله عليه وآله في قوله: " ويسقى من ماء صديد " قال:
يقرب إليه فيكرهه فإذا أدني منه شوى وجهه ووقع فروة رأسه، (2) فإذا شرب قطع أمعاءه حتى يخرج من دبره، يقول الله عز وجل: " وسقوا ماء حميما فقطع أمعائهم " و يقول: " وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه ".
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين يوما، فإن مات وفي بطنه شئ من ذلك كان حقا على الله أن يسقيه من طينة خبال وهو صديد أهل النار وما يخرج من فروح الزناة، فيجتمع ذلك في قدور جهنم فيشربه أهل النار فيصهر به ما في بطونهم والجلود. (3) رواه شعيب بن واقد، عن الحسين بن زيد، عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام.