فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون " أي بكفركم في الدنيا وإنكاركم.
وفي قوله سبحانه: " وقال قرينه " يعني الملك الشهيد عليه، عن الحسن، وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام، وقيل: قرينه الذي قيض له من الشيطان، وقيل:
قرينه من الانس " هذا ما لدي عتيد " إن كان المراد به الملك فمعناه: هذا حسابه حاضر لدي في هذا الكتاب، أي يقول لربه: كنت وكلتني، به فما كتبت من عمله حاضر عندي، وإن كان المراد به الشيطان أو القرين من الانس فالمعنى: هذا العذاب حاضر عندي معد لي بسبب سيئاتي " ألقيا في جهنم كفار عنيد " هذا خطاب لخازن النار، والعرب تأمر الواحد والقوم بما تأمر به الاثنين، ألا ترى في الشعر أكثر شئ قيلا:
(يا صاحبي ويا خليلي) وقيل: إنما ثني ليدل على التكثير، كأنه قال: ألق ألق، فثني الضمير ليدل على تكرير الفعل، وقيل: خطاب للملكين الموكلين به وهما السائق والشهيد.
وروى أبو القاسم الحسكاني بالاسناد عن الأعمش أنه قال: حدثنا أبو المتوكل الناجي، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا كان يوم القيامة يقول الله تعالى لي ولعلي: ألقيا في النار من أبغضكما، وأدخلا الجنة من أحبكما، وذلك قوله: ألقيا في جهنم كل كفار عنيد " والعنيد: الذاهب عن الحق وسبيل الرشد.
" مناع للخير " الذي أمر الله به من بذل المال في وجوهه " معتد " ظالم متجاوز يتعدى حدود الله " مريب " أي شاك في الله وفيما جاء من عند الله، وقيل متهم يفعل ما يرتاب بفعله ويظن به غير الجميل، وقيل: إنها نزلت في وليد بن المغيرة حين استشاره بنو أخيه في الاسلام فمنعهم. فيكون المراد بالخير الاسلام " الذي جعل مع الله إلها آخر " من الأصنام والأوثان " فألقياه في العذاب الشديد " هذا تأكيد للأول، فكأنه قال: افعلا ما أمرتكما به فإنه مستحق لذلك " قال قرينه " أي شيطانه الذي أغواه، عن ابن عباس وغيره، وإنما سمى قرينه؟ لأنه يقرن به في العذاب، وقيل: قرينه من الانس وهم علماء السوء والمبتدعون " ربنا ما أطغيته " أي ما أضللته وما أوقعته في الطغيان باستكراه " ولكن كان في ضلال " من الايمان " بعيد " أي ولكنه طغى باختياره السوء