جعلت فداك ما حولك إلى هذا المنزل؟ قال: طلب النزهة فقلت: جعلت فداك ألا أقص عليك ديني؟
فقال: بلي، قلت: أدين الله بشهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن الساعة آتية لا ريب فيه وأن الله يبعث من في القبو إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم شهر رمضان وحج البيت والولاية لعلي أمير المؤمنين بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والولاية للحسن والحسين والولاية لعلي بن الحسين والولاية لمحمد بن علي ولك من بعده صلوات الله عليهم أجمعين وأنكم أئمتي عليه أحيا وعليه أموت وأدين الله به، فقال: يا عمرو! هذا والله دين الله ودين آبائي الذي أدين الله به في السر والعلانية، فاتق الله وكف لسانك إلا من خير ولا تقل إني هديت نفسي بل الله هداك، فأد شكر ما أنعم الله عز وجل به عليك ولا تكن ممن إذا أقبل طعن في عينه، وإذا أدبر طعن في قفاه ولا تحمل الناس علي كاهلك فإنك أوشك إن حملك الناس على كاهلك أن يصدعوا شعب كاهلك.
* الشرح قوله: (طلب النزهة) أي البعد عن الخلق وأصل النزهة البعد ومنه تنزيه الله تعالى أي تبعيده عن النقائص، أو المراد بها بعد الخاطر عن الهم والحزن لكون مكانه نزها فيه سعة وماء وكلاء وخضر.
قوله: (وأدين الله به) في المصباح دان بالإسلام دينا بالكسر تعبد به وتدين به كذلك فهو دين مثل ساد وسيد.
قوله: (في السر والعلانية) السر القلب، والعلانية اللسان والجوارح أو الأعم.
قوله: (فاتق الله) أمره بالتقوى وهي التجنب عن المعاصي أو التنزه عما يشغل القلب عن الحق أو بالتقية عمن ليس من أهل هذا الدين.
قوله: (وكف لسان إلا من خير) أمره بكف اللسان إلا من خير ورغبه في حفظه عن كل ما يضره أو لا ينفعه في تعويده بالخير من القرآن والحديث وغيرهما من الامور النافعة وخص اللسان من بين الأعضاء الظاهرة لأنه أشرفها وأعمها تناولا ومفاسده أكثر فيجب حفظه عما لا ينفع خصوصا عما يضر، ثم أشار إلى أن الهداية نعمة من الله تعالى فيجب معرفة قدرها وأداء شكرها بصرف كل عضو فيما خلق لأجله.
قوله: (ولا تكن ممن إذا قبل) هذا في الحقيقة أمر بحن المعاشرة مع الخبق وبالتقية من موضعها أي كن بحسن صفاتك ممن يمدحه الناس في حضوره وغيبته ولا تكن بشرارة ذاتك وقبح صفاتك ممن يذمونه فيهما وفيه دلالة على وجوب التجنب عن المطاعن بقدر الإمكان.
قوله: (ولا تحمل الناس على كاهلك) الكاهل مقدم أعلى الظهر مما يلي العنق وهو الثلث