زعمت أن المؤمن والمسلم مجتمعون على الصلاة والزكاة والصوم والحج وغير ذلك من الطاعات ومكلفون جميعا بها وقال الله تعالى: (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) والموصول للعموم فهذه الآية مع ما زعمت تقتضى أن يكون المؤمن والمسلم متساويين في الفضل فكيف يكون للمؤمن فضل على المسلم في الأعمال، فأجاب «ع» بأنه أليس قد قال الله تعالى (من ذا الذي يقرض الله فرضا حسنا فيضاعفه أضعافا كثيرة؟!» وهذا الجواب على فهمنا الفاتر يحتمل وجهين:
الأول أن القرض الحسن هو العبادة الواقعة على كما لها وشرائطها وشرائط قبولها ومن جملة شرائطها هو الإيمان فالمؤمنون هم الذين يضاعف الله عز وجل لهم حسناتهم لا غيرهم فيعطيهم لكل حسنة عشرة وربما يعطيهم لكل حسنة سبعين ضعفا فهذا فضل المؤمن على المسلم ويزيده الله في حسناته على قدر صحة إيمانه وحسب كماله أضعافا كثيرة حتى أنه يعطيهم بواحدة سبعمائة أو أزيد ويفعل الله بالمؤمنين ما يشاء من الخير الذي لا يعمله إلا هو كما قال: (ولدينا مزيد».
والثاني أن تساويهم في فضل واحدة بعشرة على تقدير عموم الموصول لا يقتضي أن لا يكون للمؤمنين فضل على المسلم في الأعمال لأنه تعالى يضاعف له أعماله أضعافا كثيرة فيعطيه لكل حسنة سبعين ضعفا فهذا فضل المؤمن على المسلم إلى آخر ما ذكر ولعل الأول بالمعنى أقرب والثاني بالعبارة أنسب.
لا يقال ما دل من الآيات والروايات على أن أعمال غير المؤمن يكون هباء منثورا ينافي الاحتمال الثاني فكيف التوفيق بينهما؟
لأنا نقول لعل عمل غير المؤمن ينفعه في تخفيف العقوبة ورفع شدتها لا في دخول الجنة إذ دخولها مشروط بالإيمان فهو هباء منثور باعتبار أنه لا يوجب دخول الجنة ونافع له في الجملة باعتبار أنه يوجب تخفيف العقوبة والله يعلم حقيقة كلام وليه.
قوله: (قلت أرأيت من دخل في الإسلام أليس هو داخلا في الإيمان) الإسلام عبارة عن التصديق بالتوحيد والرسالة أو عن الإقرار بالشهادتين أو عن الاتيان بالأعمال الظاهرة أو عن المجموع أو عن الاثنين منها، وجوز السائل أن يكون ذلك نفس الإيمان أو ظن ذلك ولذلك قال على سبيل الاستفهام أو التقرير أليس هو أي الداخل في الإسلام داخلا في الإيمان بأن يكون الإسلام عين الإيمان؟ فقال «ع» لا لأن الإيمان أما التصديق المذكور مع التصديق بالولاية أو هذا مع الإقرار والعمل فالإسلام أما جزء الايمان أو حد من حدوده، ومن البين أن جزء الشيء أو حده