القلبية واللسانية والأركانية وتحصيلها لا يمكن بدون صرف العمر والمشقة الشديدة والاشتغال عن الأهل في أزمنة طويلة بخلاف الحج فإن مسايله وإن كانت كثيرة لكن لا يبلغ كثرة مسايل الصلاة المفروضة، ومن هذا تبين أن الفريضة أشق من الحج وبهذا يندفع الثاني أيضا وقد يجاب عنه بان ذلك فيما إذا كان المفضل والمفضل عليه من نوع واحد كالوضوء على الصيف والشتاء ونحوه وبتخصيصه بالصلاة وعن الأول بأن الحج المشتمل على الصلاة أفضل من الصلاة والصلاة أفضل من الحج متجرا عن الصلاة ومع قط النظر عن ثوابها.
قوله: (قال الزكاة لأنه قرنها بها) حكم بأن الزكاة أفضل من الحج والصوم ونبه عليه بأن الصلاة أفضل منهما وذكر الصلاة بعد الصلاة فهذا يدل على أن الزكاة أيضا أفضل منهما مقارنتهما دالة على اشتراكهما في الأفضلية وتقاربها في الرتبة إلا أنه لما بدأ بالصلاة قبل الزكاة علم أن الصلاة أفضل من الزكاة لأن الأهم أولى بالتقديم لا لأن العطف تقتضيه.
قوله: (وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الزكاة تذهب الذنوب) هذا دليل آخر على أن الزكاة فضل من الحج.
فإن قلت: الحج أيضا يذهب بالذنوب فلا دلالة فيه على ما ذكر فالأولى أن يجعل هذا مع السابق دليلا واحد لأن هذا المجموع لم يوجد في الحج.
قلت: يمكن أن يكون المقصود أن الزكاة علة لمحو الذنوب وذهابها ولم يثبت أن الحج علة مستقلة لمحوها لجواز أن يكون محوها بعد الحج على سبيل التفضل دون الوجوب وهذا القدر كاف في التفصيل.
قوله: (ولله على الناس حج البيت) دليل على أن الحج أفضل من الصوم والدلاة في قوله «ومن كفر» حيث عد ترك الحج كفرا دون الصوم وترك ذكر العقاب المترتب عليه تعظيما وتفخيما وكر في موضعه ما يدل على كمال غنائه من غيره عموما وهو يعشر بأن جزاء اعمالهم عايده إليه إن خيرا فخيرا وإن شرا فشرا ففيه أيضا تذكر للعقاب على تركه وفي قوله «غفر له» حيث لم يقل الحج يذهب الذنوب كما قال في الزكاة نوع اشعار بما ذكرنا سابقا وكان «وقوله وقال في يوم عرفة ويوم المزدلفة ما قال» إشارة إلى الأحاديث الواردة في محو الذنوب بعد الحج.
قوله: (وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لحجة) هذا إنما يدل على أن الحج أفضل من الصوم لو كان عشرون نافلة أفضل من الصوم أو مساوية له ولا يبعد أن يجمل هذا دليلا على أفضليتها بالنسبة إليه.
قوله: (أحصى فيه أسبوعه) لعل المراد باحصاء الأسبوع ضبطها وحفظها مجردة عن الزيادة