أبيات التزمتها له في الجنة، ثم أشار إلى الأعمال الأربعة على سبيل الاستيناف بقوله:
(انفق ولا تخف فقرا) فإنه لما رغب في الأربعة بذكر ثمرتها وهي أنها سبب لبناء بيت لصاحبها في الجنة صار محلا للسؤال فكان السايل قال ما هي حتى أفعلها فقال أنفق يعني انفق فضل مالك في ذوي الحاجات ولا تخف فقرا فإن الانفاق سبب للخلف والزادة وأيضا الفضل لا دخل له في الغني فلا يوجب فواته فقرا.
(وافش السلام في العالم) افشاء السلام، وهو الابتداء به على جميع الأنام إلا ما أخر به الدليل، سبب للألفة والالتيام وموجب لحسن المعاشرة وتكميل النظام، مع أنه عبادة في نفسه مطلوب في دين الإسلام (واترك المراء) أي الجدال والمنازعة.
(وان كنت محقا) وإن كان في المسائل العلمية بل هي أحق بترك المجادلة إلا بالتي هي أحسن كما قال تعالى (وجادلهم بالتي هي أحسن» وللنفس فيها مكائد عظيمة فالأولى تركها بالكلية إلا من شرفه الله تعالى بالنفس القدسية والكمالات العلمية والعملية فيمكن له التخلص من الأخلاق الرذيلة التي تحصل من المجادلة مثل التكبر والرياء والغضب والحسد والبغض والعجب وغيرها مما لا يخفى على المزاول لها ولهذا وردت الأخبار بالنهي عنها مطلقا رعاية للأكثر. (وانصف الناس من نفسك) وهو التزام العدل في المخالطة والمعاملة حتى يحكم بنفسه على نفسه وهو من أخص الصفات العدلية والفضائل البشرية، وبه يتم نظام العالم ويرتفع الجور في بني آدم.
* الأصل 3 - عنه، عن الحسن بن علي بن فضال، عن علي بن عقبة، عن جارود أبي المنذر قالت: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: سيد الأعمال ثلاثة: إنصاف الناس من نفسك حتى لا ترضى بشيء إلا رضيت لهم مثله ومؤاساتك الأخ في المال وذكر الله على كل حال، وليس «سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر» فقط ولكن إذا ورد عليك شي، أمر الله عز وجل به أخذت به، أو إذا ورد عليك شيء نهي الله عز وجل عنه تركته.
* الشرح قوله: (انصاف الناس من نفسك حتى لا ترضى بشيء لنفسك لهم مثله) من اتصف به لا يريد للناس إلا خيرا ويطلبه لهم بقدر الإمكان ويدفع عنهم شرا ويحكم لهم على نفسه لو كان الحق لهم ولا يأخذ منهم من المنافع إلا مثل ما يعطيهم ولا ينيلهم من المضار إلا مثل ما يناله منهم ( ومواساتك الأخ في المال) أي تشريكه وتسويته فيه يقال آسيته بمالي أي جعلته أسوة أقتدي أنا به ويقتدى هوبى وهو ينشأ من ملكة السخاء.