لقصده الامتثال بعد البيان غايته لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة.
* الأصل 5 - علي بن إبراهيم (عليه السلام) عن أبيه، عن ابن محبوب، عن جميل، عن هارون بن خارجة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: [إن] العبادة ثلاثة. قوم عبدوا الله عز وجل خوفا، فتك عبادة العبيد، وقوم عبدوا الله تبارك وتعالى طلب الثواب، فتلك عبادة الاجراء، وقوم عبدوا الله عز وجل حبا له، فتلك عبادة الأحرار وهي أفضل العبادة.
* الشرح قوله: (قال إن العابدة ثلاثة) أي العبادة المترتب عليها الثواب والكرامة في الجملة ثلاثة أقسام وغيرها مثل عبادة المرائي ونحوها ليس بعبادة فليس بداخل في القسم.
(قوم عبدوا الله) أي عبادة قوم عبدوا الله عز وجل خوفا من ناره حتى لو لم تكن النار لم يعبدوه فتلك عبادة العبيد إذ العباد فيها شبيه بالعبد في فعله خوفا من السيد وتحرزا من عقوبته وعبادة قوم عبدوه طلبا لثوابه ونعيم الجنة فتلك عبادة الاجزاء إذ حالهم في العبادة مثل حال الأجزاء في المعاملة لو لم يكن الأجر لم يعلموا وعبادة قوم عبدوه لحبهم له واستغراق قلوبهم في ذكره واعتقادهم بأنه أهل للعبادة وغاية الخشوع له فتلك عبادة الأحرار الذين لا ينظرون إلا إليه ولا يعكفون إلا عليه ويغفل قلوبهم بالكلية عن الاغيار فضلا عن الجنة والنار وهي أفضل العبادة لخلوصها من جميع الجهات. وفي صيغة التفضيل دلالة على ان العبادة على الوجهين السابقين أيضا عبادة صحيحة لها فضل في الجملة فيكون حجة على من قال ببطلان عبادة من قصد التحرز عن العقاب أو الفوز بالثواب.
* الأصل 6 - علي، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما أقبح الفقر بعد الغني وأقبح الخطيئة بعد المسكنة وأقبح من ذلك العابد لله يدع عبادته.
* الشرح قوله: (ما أقبح الفقر بعد الغني) أي وجود الفقر بعد الغني وتعيش العني بعيش الفقير. (وأقبح الخطيئة بعد المسكنة) لضعف آلتها وقلة أسبابها.
(وأقبح من ذلك العابد لله ثم يدع عبادته) وكان السر فيه إن كل واحد منهم انتقل من المقام الأعلى إلى المقام الأدنى. ومن البين إن مقام الطاعة ارفع من مقام الغني والمسكنة فترك الطاعة أقبح.