المطلب السابع (في كلام في الجلود) جلد الميتة من ذي النفس السائلة نجس لا يطهر بالدباغ، سواء كان أصله مأكول اللحم أو لا، وسواء كان طاهرا في حال الحياة أو لا عند علمائنا، لقوله تعالى ﴿حرمت عليكم الميتة﴾ (١) وقوله (عليه السلام): لا تنتفعوا من الميتة بأهاب ولا عصب (٢). وسأل محمد بن مسلم أحدهما (عليهم السلام) عن الجلد الميت أيلبس في الصلاة إذا دبغ؟ قال: لا ولو دبغ سبعين مرة (٣). ولأن النجاسة بالموت، وهي لازمة لدوام معلولها. ولا ينتفع به في اليابسات على الأقوى.
أما الشعر والوبر والصوف والريش، فإنها لا تحلها الحياة، فلا تنجس بالموت. وهي نجسة من نجس العين، لأنها جزءا منه.
والكلب والخنزير والآدمي لا تقع عليها الذكاة، ولا تطهر جلودها بالدباغ، فإن الدباغ كالحياة بل هو أنقص، لأن غايته نزع الفضلات ودفع الاستحالات، والحياة أبلغ في ذلك من الدباغ، فإذا لم تفد الحياة طهارة الكلب والخنزير لنجاسته قبل الموت، فالدباغ أولى عدم الطهارة، والآدمي لا يطهر به، لما فيه من الامتهان.
وأما باقي الحيوانات الطاهرة حال الحياة مما لا يؤكل لحمه، فإنه يقع عليه الذكاة كالسباع، ويطهر الجلود بها وإن لم يدبغ، لقوله تعالى ﴿إلا ما ذكيتم﴾ (4) وقوله (عليه السلام): دباغ الأديم ذكاته (5). وفي آخر ذكاة الأديم دباغه (6). أقام كلا مقام الآخر.