وإن كان إليهما احتمل الإعادة في الوقت وخارجه كالاستدبار، وفي الوقت خاصة، لأصالة البراءة، ولقول الصادق (عليه السلام) لما سئل عن الرجل يكون في قفر من الأرض في يوم غيم، فيصلي إلى غير القبلة كيف يصنع؟ إن كان في وقت فليعد صلاته، فإن مضى الوقت فحسبه اجتهاده (1).
هذا إذا تيقن الصواب مع تيقن الخطأ، وأما إذا تيقن الخطأ ولم يتيقن الصواب فكذلك أيضا من غير فرق، لظهور بطلان ما فعله. وإن ظهر الخطأ ظنا، لم يجب القضاء، لأنه صلى عن اجتهاد، فلا ينقضه بمثله، كما لا ينقض الحاكم الاجتهاد بمثله.
فلو صلى أربع صلوات إلى أربع جهات بأربع اجتهادات، لم يجب عليه قضاء واحدة، لأن كل واحدة قد صليت باجتهاد لم يتيقن فيه الخطأ، ويحتمل قضاء الجميع، لأن الخطأ متيقن في ثلاث صلوات منها، وإن لم يتعين، فأشبه ما لو فسدت صلاة من صلوات، وقضى ما سوى الأخيرة. ويجعل الاجتهاد الأخير ناسخا لما قبله.
وكذا لو صلى صلاتين أو ثلاثا باجتهادات متعددة إلى الجهات، يحتمل قضاء الكل وما عدا الأخيرة. وعدم قضاء شئ.
وإن كان في الأثناء: فإن ظهر له الصواب مقترنا بظهور الخطأ، فإن كان الانحراف يسيرا، حول وجهه إلى ما ظهر له الصواب فيه، احتسابا بما مضى من صلاته، كما يحتسب بجميع صلاته لو تيقن الخطأ بعد الفراغ. ولو كان الخطأ بالاجتهاد انحرف وبنى، لأن الاستيناف نقض لما أدى من الصلاة بالاجتهاد، والاجتهاد لما ينقض بمثله.
فلو صلى أربع ركعات إلى أربع جهات بأربع اجتهادات لم يعد. ولو لم يظهر له الصواب مع ظهور الخطأ، فإن عجر عن إدراك الصواب بالاجتهاد على القرب، بطلت صلاته، إذ لا سبيل إلى الاستمرار على الخطأ، ولا يتمكن من درك (2) الصواب لينحرف.