فالأول الرشوة إن كانت ليحكم له الحاكم بغير حق فهي حرام على الاخذ والمعطي، وإن كانت ليحكم له بالحق على غريمه فهي حرام على الحاكم دون المعطي.
لأنها لاستيفاء حقه، فهي كجعل الآبق وأجرة الوكالة على الخصومة.
وقيل: تحرم لأنها توقع الحاكم في الاثم.
وأما الهدية وهي الثاني: فإن كان ممن يهاديه قبل الولاية فلا يحرم استدامتها. وإن كان لا يهدي إليه إلا بعد الولاية: فان كانت ممن لا خصومة بينه وبين أحد عنده، جازت وكرهت. وإن كانت ممن بينه وبين غريمه خصومة عنده فهي حرام على الحاكم والمهدي.
وأما الأجرة وهي الثالث: فإن كان للحاكم جراية من بيت المال ورزق منه حرمت بالاتفاق، لأنه إنما أجري له الرزق لأجل الاشتغال بالحكم فلا وجه للأجرة. وإن كان لا جراية له من بيت المال جاز له أخذ الأجرة على قدر عمله غير حاكم، فإن أخذ أكثر مما يستحقه حرم عليه.
لأنه إنما يعطى الأجرة لكونه عمل عملا لا لأجل كونه حاكما. فأخذه لما زاد على أجر مثله غير حاكم إنما أخذها لا في مقابلة شئ بل في مقابلة كونه حاكما.