الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢٠٤
وما هناك على من استحله بتأويل. القول في حكم ما أتلفه البغاة وما أتلفه باغ من نفس أو مال على عادل وعكسه. إن لم يكن في قتاله لضرورته، بأن كان في غير القتال أو فيه لا لضرورته ضمن كل منهما ما أتلفه من نفس أو مال جريا على الأصل في الاتلافيات، نعم إن قصد أهل العدل إتلاف المال إضعافهم وهزيمتهم لم يضمنوا كما قاله الماوردي. فإن كان الاتلاف في قتال لضرورته فلا ضمان اقتداء بالسلف لأن الوقائع التي جرت في عصر الصحابة كوقعة الجمل وصفين، لم يطالب بعضهم بعضا بضمان نفس ولا مال وهذا عند اجتماع الشوكة والتأويل، فإن فقد أحدهما فله حالان الأول الباغي المتأول بلا شوكة يضمن النفس والمال ولو حال القتال كقاطع الطريق. والثاني له شوكة بلا تأويل وهذا كباغ في الضمان وعدمه. لأن سقوط الضمان في الباغين لقطع الفتنة واجتماع الكلمة وهو موجود هنا. ولا يقاتل الإمام البغاة حتى يبعث لهم أمينا فطنا إن كان البعث للمناظرة ناصحا لهم يسألهم عما يكرهون اقتداء به علي رضي الله عنه فإنه بعث ابن عباس إلى أهل النهروان فرجع بعضهم وأبى بعضهم فإن ذكروا مظلمة أو شبهة أزالها لأن المقصود بقتالهم ردهم إلى الطاعة فإن أصروا نصحهم ووعظهم فإن أصروا أعلمهم بالقتال لأن الله تعالى أمر أولا بالاصلاح ثم بالقتال فلا يجوز تقديم ما أخره الله تعالى، فإن طلبوا من الإمام الامهال اجتهد وفعل ما رآه صوابا. القول في أسير البغاة ومالهم (ولا يقتل) مدبرهم ولا من ألقى سلاحه وأعرض عن القتال ولا (أسيرهم ولا يذفف) بالمعجمة أي لا يسرع (على جريحهم) بالقتل (ولا يغنم مالهم) لقوله تعالى: * (حتى تفئ إلى أمر الله) * والفيئة: الرجوع عن القتال بالهزيمة وروى ابن أبي شيبة أن عليا رضي الله تعالى عنه أمر مناديه يوم الجمل فنادى:
لا يتبع مدبر ولا يذفف على جريح ولا يقتل أسير ومن أغلق بابه فهو آمن ومن ألقى سلاحه فهو آمن ولان قتالهم شرع للدفع عن منع الطاعة وقد زال.
تنبيه: قد يفهم من منع قتل هؤلاء وجوب القصاص بقتلهم. والأصح: أنه لا قصاص لشبهة أبي حنيفة ولا يطلق أسيرهم ولو كان صبيا أو امرأة أو عبدا حتى ينقضي الحرب. ويتفرق جمعهم ولا يتوقع عودهم إلا أن يطيع الأسير باختياره. فيطلق قبل ذلك وهذا في الرجل الحر. وكذا في الصبي والمرأة والعبد إن كانوا مقاتلين وإلا أطلقوا بمجرد انقضاء الحرب ويرد لهم بعد أمن شرهم بعودهم إلى الطاعة أو تفرقهم وعدم توقع عودهم ما أخذ منهم من سلاح وخيل وغير ذلك. ويحرم استعمال شئ من سلاحهم وخيلهم وغيرهم من أموالهم لعموم قوله (ص): لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه إلا لضرورة كما إذا خفنا انهزام أهل العدل ولم نجد غير خيولهم فيجوز لأهل العدل ركوبها ولا يقاتلون بما يعم كنار ومنجنيق، ولا يستعان عليهم بكافر لأنه يحرم تسليطه على المسلم إلا لضرورة بأن كثروا وأحاطوا بنا فيقاتلون بما يعم كنار ومنجنيق ولا بمن يرى قتلهم مدبرين لعداوة أو اعتقاد كالحنفي والإمام لا يرى ذلك إبقاء عليهم. القول في إحصار البغاة ولا يجوز إحصارهم بمنع طعام وشراب إلا على رأي الإمام في أهل قلعة ولا يجوز عقر خيولهم إلا إذا قاتلوا عليها ولا قطع أشجارهم أو زروعهم. القول في مقاومة أهل البغي ويلزم
(٢٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في الشفعة 2
2 فصل في القراض 7
3 فصل في المساقاة 11
4 فصل في الإجارة 14
5 فصل في الجعالة 20
6 فصل في المزارعة والمخابرة وكراء الأرض 22
7 فصل في إحياء الموات 23
8 فصل في الوقف 26
9 فصل في الهبة 31
10 فصل في اللقطة 35
11 فصل في أقسام اللقطة 39
12 فصل في اللقيط 41
13 فصل في الوديعة 42
14 كتاب بيان أحكام الفرائض والوصايا 46
15 فصل في الوصية الشاملة للايصاء 56
16 كتاب النكاح 63
17 فصل في أركان النكاح 71
18 فصل في بيان الأولياء 74
19 فصل في محرمات النكاح ومثبتات الخيار فيه 79
20 فصل في الصداق 84
21 فصل في القسم والنشوز 91
22 فصل في الخلع 96
23 فصل في الطلاق 99
24 فصل في الطلاق السني وغيره 102
25 فصل فيما يملكه الزوج من الطلقات وفي الاستثناء والتعليق والمحل القابل للطلاق وشروط المطلق 105
26 فصل في الرجعة 109
27 فصل في بيان ما يتوقف عليه حل المطلقة 110
28 فصل في الايلاء 112
29 فصل في الظهار 116
30 فصل في اللعان 120
31 فصل في العدد 125
32 فصل في فيما يجب للمعتدة وعليها الخ 130
33 فصل في الاستبراء 133
34 فصل في الرضاع 136
35 فصل في نفقة القريب والرقيق والبهائم 139
36 فصل في النفقة 142
37 فصل في الحضانة 148
38 كتاب الجنايات 152
39 فصل في الدية 160
40 فصل في القسامة 172
41 كتاب الحدود 177
42 فصل في حد القدف 183
43 فصل في حد شارب المسكر من خمر وغيره 186
44 فصل في حد السرقة الواجب بالنص والإجماع 189
45 فصل في قاطع الطريق 196
46 فصل في حكم الصيال وما تتلفه البهائم 199
47 فصل في قتال البغاة 202
48 فصل في الردة 205
49 فصل في تارك الصلاة 207
50 كتاب أحكام الجهاد 210
51 فصل في قسم الغنيمة 216
52 فصل في قسم الفئ 220
53 فصل في الجزية 222
54 كتاب الصيد والذبائح 228
55 فصل في الأطعمة 233
56 فصل في الأضحية 239
57 فصل في العقيقة 244
58 كتاب السبق والرمي 246
59 كتاب الايمان والنذور 250
60 فصل في النذور 256
61 كتاب الأقضية والشهادات 260
62 فصل في القسمة 271
63 فصل في الدعوى والبينات 274
64 فصل في الشهادات 279
65 فصل والحقوق ضربان حق الله تعالى وحق الآدمي 282
66 كتاب العتق 288
67 فصل في الولاء 293
68 فصل في التدبير 295
69 فصل في الكتابة 298
70 فصل في أمهات الأولاد 302