في هذا الزمن لاشتهاره في معنى التطليق، وهذا هو الظاهر. وقوله لها طلقك الله ولغريمه أبرأك الله ولامته أعتقك الله صريح في الطلاق والابراء والعتق، إذ لا يطلق الله ولا يبرئ الله ولا يعتق وإلا والزوجة طالق والغريم برئ والأمة معتقة، بخلاف ما لو قال باعك الله أو أقالك الله فإنه كناية لأن الصيغ هنا قوية لاستقلالها بالمقصود بخلاف صيغتي البيع والإقالة. القول في كناية الطلاق (والكناية كل لفظ احتمل الطلاق وغيره) ولا يخالف هذا قول البغوي في تهذيبه هي كل لفظ ينبئ عن الفرقة وإن دق، ولا قول الرافعي هي ما احتمل معنيين فصاعدا إذ هي في بعض المعاني أظهر لرجوع ذلك كله إلى معنى واحد. (وتفتقر) في وقوع الطلاق بها (إلى النية) إجماعا، إذ اللفظ متردد بين الطلاق وغيره فلا بد من نية تميز بينهما، وألفاظها كثيرة لا تكاد تنحصر ذكر المصنف بعضها في بعض النسخ بقوله: (مثل أنت خلية) أي خالية مني وكذا يقدر الجار والمجرور فيما بعده (و) أنت (بتة) بمثناة قبل آخره أي مقطوعة الوصلة مأخوذة من البت وهو القطع.
تنبيه: تنكير ألبت جوزه الفراء والأصح وهو مذهب سيبويه أنه لا يستعمل إلا معرفا باللام.
(و) أنت (بائن) من البين وهو الفراق.
تنبيه: قوله بائن هو اللغة الفصحى والقليل بائنة. (و) أنت (حرام) أي محرمة علي ممنوعة للفرقة.
(و) أنت (كالميتة) أي في التحريم شبه تحريمها عليه بالطلاق كتحريم الميتة (واغربي) بمعجمة ثم راء أي صيري غريبة بلا زوج، وأما اعزبي بالمهملة والزاي فذكره المصنف بمعناه كما سيأتي. (واستبرئي رحمك) أي لأني طلقتك وسواء في ذلك المدخول بها وغيرها. (وتقنعي) أي استري رأسك بالقناع لأني طلقتك والقناع بكسر القاف، والمقنعة بكسر الميم ما تغطي به المرأة رأسها ومحاسنها. (وابعدي) أي مني لأني طلقتك (واذهبي) أي عني لأني طلقتك هما بمعنى اعزبي بالمهملة والزاي (والحقي بأهلك) بكسر الهمزة وفتح الحاء وقيل بالعكس، وجعله المطرزي خطأ أي لأني طلقتك سواء أكان لها أهل أم لا.
(وما أشبهه ذلك) من ألفاظ الكنايات كتجردي، وتزودي، أي استعدي للحوق بأهلك، ولا حاجة لي فيك، أي لأني طلقتك، وذوقي أي مرارة الفراق وحبلك على غاربك، أي خليت سبيلك كما يخلى البعير في الصحراء وزمامه على غاربه، وهو ما تقدم من الظهر وارتفع من العنق ليرعى كيف شاء، ولا أنده سربك من النده وهو الزجر، أي لا أهتم بشأنك لأني طلقتك. والسرب بفتح السين وسكون الراء المهملتين الإبل وما يرعى من المال، أما بكسر السين فالجماعة من الظباء والبقر، ويجوز كسر السين هنا. وخرج بقيد شبه ما ذكر ما لا يشبهه من الألفاظ نحو: بارك الله لي فيك وأطعميني واسقيني وزوديني وقومي واقعدي ونحو ذلك، فلا يقع به طلاق وإن نواه لأن اللفظ لا يصلح له. القول في شروط وقوع الطلاق بالكناية (فإن نوى بجميع ذلك) أي بلفظ من ألفاظه (الطلاق) فيه (وقع) إن اقترن بكل اللفظ كما في المنهاج كأصله، وقيل: يكفي اقترانها بأوله وينسحب ما بعده عليه، ورجحه الرافعي في الشرح الصغير وصوبه الزركشي، والذي رجحه ابن المقري