والكثير من تراب يسير مرات كثيرة وهو كذلك، ولو رفع يده في أثناء مسح العضو ثم وضعها صح على الأصح، أما ما تناثر من غير مس لعضو فإنه غير مستعمل، ودخل في التراب المذكور المحرق منه ولو أسود ما لم يصر رمادا كما في الروضة وغيرها، والأعفر والأصفر والأحمر والأبيض المأكول سفها، وخرج بالتراب النورة والزرنيخ وسحاقة الخزف ونحو ذلك. (فإن خالطه) أي التراب الطهور (جص) بكسر الجيم وفتحها، وهو الذي تسميه العامة الجبس أو دقيق أو نحوه. (أو) اختلط به (رمل) ناعم يلصق بالعضو (لم يجز) التيمم به، وإن قل الخليط لأن ذلك يمنع وصول التراب إلى العضو، أما الرمل الذي لا يلصق بالعضو فإنه يجوز التيمم به إذا كان له غبار، لأنه من طبقات الأرض والتراب جنس له، ولو وجد ماء صالحا للغسل لا يكفيه وجب استعماله في بعض أعضائه مرتبا إن كان حدثه أصغر أو مطلقا إن كان غيره كما يفعل من يغسل كل بدنه لخبر الصحيحين: إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ويكون استعماله قبل التيمم عن الباقي لقوله تعالى * (فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا) * وهذا واجد له، أما ما لا يصلح للغسل كثلج أو برد لا يذوبان، فالأصح القطع بأنه لا يجب مسح الرأس به، إذ لا يمكن ههنا تقديم مسح الرأس ولو لم يجد إلا ترابا لا يكفيه، فالمذهب القطع بوجوب استعماله ومن به نجاسة ووجد ما يغسل به بعضها وجب عليه للحديث المتقدم، أو وجد ماء وعليه حدث أصغر أو أكبر، وعلى بدنه نجاسة ولا يكفي إلا لأحدهما تعين للنجاسة لأن إزالتها لا بدل لها، بخلاف الوضوء والغسل، ويجب شراء الماء في الوقت وإن لم يكفه، وكذا التراب بثمن مثله وهو على الأصح ما تنتهي إليه الرغبات في ذلك الموضع في تلك الحالة، قال الإمام: والأقرب على هذا أنه لا تعتبر الحالة التي ينتهي الامر فيها إلى سد الرمق، فإن الشربة قد تشترى حينئذ بدنانير أي: ويبعد في الرخص إيجاب ذلك فإن احتاج إلى الثمن لدين عليه أو لنفقة حيوان محترم، سواء أكان آدميا أم غيره لم يجب عليه الشراء وكالنفقة سائر المؤن حتى المسكن والخادم كما صرح بهما ابن كج في التجريد، ولو احتاج واجد ثمن الماء إلى شراء سترة للصلاة قدمها لدوام النفع بها، ولو كان معه ماء لا يحتاج إليه للعطش ويحتاج إلى ثمنه في شئ مما سبق جاز له التيمم كما في المجموع ولو وهب له ماء أو أقرضه أو أعير دلوا أو نحوه ومن آلة الاستقاء في الوقت وجب عليه القبول إذا لم يمكنه تحصيل ذلك بشراء أو نحوه، لأن المسامحة بذلك غالبة فلا تعظم فيه المنة، بخلاف ما لو وهب له ثمن الماء فإنه لا يجب عليه قبوله بالاجماع لعظم المنة ويشترط قصد التراب لقوله تعالى: * (فتيمموا صعيدا طيبا) * أي اقصدوه فلو سفته ريح على عضو من أعضاء التيمم فردده عليه ونوى لم يكف، وإن قصد بوقوفه في مهب الريح التيمم لانتفاء القصد من جهته بانتفاء النقل المحقق له، ولو يمم بإذنه بأن نقل المأذون التراب إلى العضو وردده عليه جاز على النص كالوضوء ولا بد من نية الآذن عند النقل وعند مسح الوجه كما لو كان هو المتيمم، وإلا لم يصح جزما كما لو يممه بغير إذنه، ولا يشترط عذر لإقامة فعل مأذونه مقام فعله، لكنه يندب له ألا يأذن لغيره في ذلك مع القدرة خروجا من الخلاف، بل يكره له ذلك كما صرح به الدميري، ويجب عليه عند العجز ولو بأجرة عند القدرة عليها. القول في فرائض التيمم (وفرائضه): أي التيمم جمع فريضة أي أركانه هنا: (أربعة أشياء) وعدها في المنهاج خمسة، فزاد على ما هنا النقل وعدها في الروضة سبعة، فجعل التراب والقصد ركنين، وأسقط في المجموع التراب وعدها ستة، وجعل التراب شرطا، والأولى ما في المنهاج إذ لو حسن عد التراب ركنا لحسن عد الماء ركنا في الطهارة، وأما القصد فداخل في النقل الواجب قرن النية به. الركن الأول: وهو الذي أسقطه المصنف هنا نقل التراب إلى العضو الممسوح بنفسه أو بمأذونه كما مر، فلو كان على العضو تراب فردده عليه من جانب إلى جانب لم يكف، وإنما صرحوا بالقصد مع أن
(٧٢)