النقل المقرون بالنية متضمن له رعاية للفظ الآية، فلو تلقى التراب من الريح بكمه أو يده ومسح به وجهه أو تمعك في التراب ولو لغير عذر أجزأه أو نقله من وجه إلى يد بأن حدث عليه بعد زوال تراب مسحه عنه تراب، أو نقل من يد إلى وجه، أو من يد إلى أخرى، أو من عضو ورده إليه ومسحه به كفى ذلك لوجود مسمى النقل. القول في مراتب النية وكيفيتها والركن الثاني وهو الأول في كلام المصنف: (النية) أي نية استباحة الصلاة أو نحوها مما تفتقر استباحته إلى طهارة كطواف وحمل مصحف وسجود تلاوة، إذ الكلام الآن في صحة التيمم، وأما ما يستباح به فسيأتي ولو تيمم بنية الاستباحة ظانا أن حدثه أصغر فبان أكبر أو عكسه - صح، لأن موجبهما واحد وإن تعمد لم يصح لتلاعبه، ولو أجنب في سفره ونسي وكان يتيمم وقتا ويتوضأ وقتا أعاد صلوات الوضوء فقط لما مر. ولا يكفي نية رفع حدث أصغر أو أكبر أو الطهارة عن أحدهما، لأن التيمم لا يرفعه.
ولو نوى فرض التيمم أو فرض الطهارة أو التيمم المفروض لم يكف لأن التيمم ليس مقصودا في نفسه، وإنما يؤتى به عن ضرورة فلا يجعل مقصودا بخلاف الوضوء، ولهذا استحب تجديد الوضوء بخلاف التيمم ويجب قرن النية بالنقل لأنه أول الأركان، واستدامتها إلى مسح شئ من الوجه كما في المنهاج كأصله، فلو عزبت قبل المسح لم يكف لأن النقل وإن كان ركنا فهو غير مقصود في نفسه. قال الأسنوي:
والمتجه الاكتفاء باستحضارها عندهما وإن عزبت بينهما، وتعليل الرافعي يفهمه، وهذا هو الظاهر والتعبير بالاستدامة جرى على الغالب، لأن هذا الزمن يسير لا تعزب فيه النية غالبا، ولو ضرب يديه على بشرة امرأة تنقض وعليها تراب، فإن منع التقاء البشرتين صح تيممه وإلا فلا. القول في ما يباح للمتيمم بنية الاستباحة وأما ما يباح له بنيته فإن نوى استباحة فرض ونفل أبيحا له عملا بنيته أو فرضا فقط فله النفل معه، لأن النفل تابع له، فإذا صلحت طهارته للأصل فللتابع أولى أو نفلا فقط، أو نوى الصلاة وأطلق صلى به النفل ولا يصلي به الفرض، أما في الأولى فلان الفرض أصل والنفل تابع كما مر، فلا يجعل المتبوع تابعا. وأما في الثانية فقياسا على ما لو أحرم بالصلاة فإن صلاته تنعقد نفلا، ولو نوى بتيممه حمل المصحف أو سجود التلاوة أو الشكر أو نوى نحو الجنب الاعتكاف أو قراءة القرآن أو الحائض استباحة الوطئ، كان ذلك كله كنية النفل في أنه لا يستبيح به الفرض ولا يستبيح به النفل أيضا، لأن النافلة آكد من ذلك. وظاهر كلامهم أن ما ذكر في مرتبة واحدة حتى إذا تيمم لواحد منها جاز له فعل البقية، ولو نوى بتيممه صلاة الجنازة فالأصح أنه كالتيمم للنفل. (و) الركن الثالث وهو الثاني في كلام المصنف (مسح الوجه) حتى ظاهر مسترسل لحيته والمقبل من أنفه على شفتيه لقوله تعالى * (فامسحوا بوجوهكم وأيديكم) *. (و) الركن الرابع وهو الثالث في كلام المصنف (مسح) كل (اليدين مع المرفقين) للآية، لأن الله تعالى أوجب طهارة الأعضاء الأربعة في الوضوء في أول الآية، ثم أسقط منها عضوين في التيمم في آخر الآية، فبقي العضوان في التيمم على ما ذكرا في الوضوء، إذ لو اختلفا لبينهما كذا قاله الشافعي. (و) الركن الخامس وهو الرابع في كلام المصنف (الترتيب) بين الوجه واليدين لما مر في الوضوء، ولا فرق في ذلك بين