سواء أكان واجبا كسفر حج أو مندوبا كزيارة قبر النبي (ص)، أو مباحا كسفر تجارة، أو مكروها كسفر منفرد. وأما العاصي بسفره ولو في أثنائه كآبق وناشزة فلا يقصر لأن السفر سبب للرخصة فلا يناط بالمعصية كبقية رخص السفر نعم له بل عليه التيمم مع وجوب إعادة ما صلاه به على الأصح كما في المجموع، فإن تاب فأول سفره محل توبته، فإن كان طويلا أو لم يشترط للرخصة طوله كأكل الميتة للمضطر فيه ترخص وإلا فلا. وألحق بسفر المعصية أن يتعب نفسه أو دابته بالركض بلا غرض شرعي ذكره في الروضة كأصلها. (و) الشرط الثاني - (أن تكون مسافته) أي السفر المباح ثمانية وأربعين ميلا هاشمية ذهابا وهي مرحلتان، وهما سير يومين معتدلين بسير الأثقال وهي (ستة عشر فرسخا) ولو قطع هذه المسافة في لحظة في بر أو بحر فقد كان ابن عمر وابن عباس يقصران ويفطران في أربعة برد، ومثله إنما يفعل عن توقيف. وخرج بذهاب الإياب معه فلا يحسب حتى لو قصد مكانا على مرحلة بنية أن لا يقيم فيه، بل يرجع فليس له القصر وإن ناله مشقة مرحلتين متواليتين لأنه لا يسمى سفرا طويلا، والغالب في الرخص الاتباع والمسافة تحديد لا تقريب لثبوت التقدير بالاميال عن الصحابة، ولان القصر على خلاف الأصل فيحتاط فيه بتحقيق تقدير المسافة، والميل أربعة آلاف خطوة، والخطوة ثلاثة أقدام، والقدمان ذراع، والذراع أربعة وعشرون أصبعا معترضات، والإصبع ست شعيرات معتدلات معترضات، والشعيرة ست شعرات من شعر البرذون. وخرج بالهاشمية المنسوبة لبني هاشم الأموية المنسوبة لبني أمية، فالمسافة بها أربعون ميلا إذ كل خمسة منها قدر ستة هاشمية. (و) الشرط الثالث - (أن يكون مؤديا للصلاة) المقصورة في أحد أوقاتها الأصلي أو العذري أو الضروري فلا تقصر فائتة الحضر في السفر لأنها ثبتت في ذمته تامة، وكذا لا تقصر في السفر فائتة مشكوك في أنها فائتة سفر أو حضر احتياطا ولان الأصل الاتمام، وتقضى فائتة سفر قصر في سفر قصر وإن كان غير سفر الفائتة دون الحضر نظرا إلى وجود السبب.
(و) الشرط الرابع - (أن ينوي القصر مع) تكبيرة (الاحرام) كأصل النية ومثل نية القصر ما لو نوى الظهر مثلا ركعتين ولم ينو ترخصا كما قاله الإمام وما لو قال: أؤدي صلاة السفر كما قاله المتولي، فلو لم ينو ما ذكر بأن نوى الاتمام أو أطلق أتم لأنه المنوي في الأولى والأصل في الثانية، ويشترط التحرز عن منافي نية القصر في دوام الصلاة كنية الاتمام، فلو نواه بعد نية القصر أتم.
تنبيه: قد علم من أن الشرط التحرز عن منافيها أنه لا يشترط استدامة نية القصر وهو كذلك، ولو أحرم قاصرا ثم تردد في أنه يقصر أو يتم أتم، أو شك في أنه نوى القصر أم لا أتم، وإن تذكر في الحال أنه نواه لأنه أدى جزءا من صلاته حال التردد على التمام، ولو قام إمامه لثالثة فشك هل هو متمم أم ساه أتم وإن بان أنه ساه، ولو قام القاصر لثالثة عمدا بلا موجب للاتمام كنيته أو نية إقامة بطلت صلاته أو سهوا ثم تذكر عاد وجوبا وسجد له ندبا وسلم، فإن أراد عند تذكره أن يتم عاد للقعود وجوبا ثم قام ناويا الاتمام. (و) الشرط الخامس - (أن لا يأتم بمقيم) أو بمن (جهل سفره) فإن اقتدى به ولو في جزء من صلاته كأن أدركه في آخر صلاته أو أحدث هو عقب اقتدائه لزمه الاتمام لخبر الإمام أحمد عن ابن عباس: سئل ما بال المسافر يصلي ركعتين إذا انفرد