وجمع، سميت بذلك لاجتماع الناس لها وقيل لما جمع في يومها من الخير، وقيل لأنه جمع فيه خلق آدم، وقيل لاجتماعه فيه مع حواء في الأرض. وكان يسمى في الجاهلية يوم العروبة أي البين المعظم وهي أفضل الصلوات، ويومها أفضل الأيام وخير يوم طلعت فيه الشمس، يعتق الله تعالى فيه ستمائة ألف عتيق من النار، من مات فيه كتب الله تعالى له أجر شهيد ووقي فتنة القبر. وهي بشروطها الآتية فرض عين لقوله تعالى * (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا) * أي امضوا * (إلى ذكر الله) * ولقوله (ص): رواح الجمعة واجب على كل محتلم. وفرضت الجمعة والنبي (ص) بمكة، ولم يصلها حينئذ إما لأنه لم يكمل عددها عنده، أو لأن من شعارها الاظهار وكان (ص) بمكة مستخفيا. والجمعة ليست ظهرا مقصورا وإن كان وقتها وقته وتتدارك به بل صلاة مستقلة لأنه لا يغني عنها، ولقول عمر رضي الله تعالى عنه: الجمعة ركعتان تمام من غير قصر على لسان نبيكم (ص) وقد خاب من افترى رواه الإمام أحمد وغيره، وتختص بشروط للزومها وشروط لصحتها وآداب وستأتي كلها. وقد بدأ بالقسم الأول فقال: (وشرائط وجوب) صلاة (الجمعة سبعة أشياء) بتقديم السين على الموحدة: الأول (الاسلام) وهو شرط لغيرها من كل عبادة (و) الثاني (البلوغ و) الثالث (العقل) فلا جمعة على الصبي ولا على مجنون كغيرها من الصلوات والتكليف أيضا شرط في كل عبادة. قال في الروضة: والمغمى عليه كالمجنون بخلاف السكران فإنه يلزمه قضاؤها ظهرا كغيرها. (و) الرابع (الحرية) فلا تجب على من فيه رق لنقصه ولاشتغاله بحقوق السيد عن التهيؤ لها، وشمل ذلك المكاتب لأنه عبد ما بقي عليه درهم.
(و) الخامس (الذكورة) فلا تجب على امرأة وخنثى لنقصهما. (و) السادس (الصحة) فلا تجب على مريض ولا على معذور بمرخص في ترك الجماعة مما يتصور هنا، ومن الاعذار الاشتغال بتجهيز الميت كما اقتضاه كلامهم وإسهال لا يضبط الشخص نفسه معه ويخشى منه تلويث المسجد كما في التتمة. وذكر الرافعي في الجماعة أن الحبس عذر إذ لم يكن مقصرا فيه فيكون هنا كذلك.
وأفتى البغوي بأنه يجب إطلاقه لفعلها. والغزالي بأن القاضي إن رأى المصلحة في منعه منع وإلا فلا وهذا أولى. ولو اجتمع في الحبس أربعون فصاعدا قال الأسنوي: فالقياس أن الجمعة تلزمهم. وإذا كان فيهم من لا يصلح لاقامتها فهل لواحد من البلد التي لا يعسر فيها الاجتماع إقامة الجمعة لهم أم لا؟ والظاهر