اجتماع الإمام والمأموم بمكان كما عهد عليه الجماعات في العصر الخالية، ولاجتماعهما أربعة أحوال لأنهما إما أن يكونا بمسجد أو بغيره من فضاء أو بناء، أو يكون أحدهما بمسجد والآخر خارجه (و) إذا كانا بمسجد ف (أي موضع صلى) المأموم (في المسجد) ومنه رحبته (بصلاة الإمام فيه) أي المسجد (وهو عالم بصلاته) أي الإمام ليتمكن من متابعته برؤيته أو بعض صف أو نحو ذلك كسماع صوته أو صوت مبلغ (أجزأه) أي كفاه ذلك في صحة الاقتداء به وإن بعدت مسافته وحالت أبنية نافذة إليه كبئر أو سطح سواء أغلقت أبوابها أم لا، وسواء أكان أحدهما أعلى من الآخر أم لا كأن وقف أحدهما على سطحه أو منارته والآخر في سرداب أو بئر فيه لأنه كله مبني للصلاة، فالمجتمعون فيه مجتمعون لإقامة الجماعة مؤدون لشعارها، فإن لم تكن نافذة إليه لم يعد الجامع لهما مسجدا واحدا فيضر الشباك والمساجد المتلاصقة التي تفتح أبواب بعضها إلى بعض كمسجد واحد وإن انفرد كل منها بإمام وجماعة.
ومحل ذلك (ما لم يتقدم) المأموم (عليه) أي الإمام في غير المسجد الحرام كما مر (وإن صلى) الإمام في المسجد والمأموم (خارج المسجد) حالة كونه (قريبا منه) أي من المسجد بأن لا يزيد ما بينهما على ثلاثمائة ذراع تقريبا معتبرا من آخر المسجد لأن المسجد كله شئ واحد لأنه محل الصلاة فلا يدخل في الحد الفاصل (وهو عالم بصلاته) أي الإمام الذي في المسجد بأحد الأمور المتقدمة (ولا حائل هناك) بينهما كالباب المفتوح الذي لا يمنع الاستطراق والمشاهدة (جاز) الاقتداء حينئذ، فلو كان المأموم في المسجد والإمام خارجه اعتبرت المسافة من طرفه الذي يلي الإمام، فإن حال جدار لا باب فيه أو باب مغلق منع الاقتداء لعدم الاتصال وكذا الباب المردود والشباك يمنع لحصول الحائل من وجه إذ الباب المردود مانع من المشاهدة والشباك مانع من الاستطراق. قال الأسنوي: نعم قال البغوي في فتاويه: لو كان الباب مفتوحا وقت الاحرام فانغلق في أثناء الصلاة لم يضر انتهى. أما الباب المفتوح فيجوز اقتداء الواقف بحذائه والصف المتصل به وإن خرجوا عن المحاذاة بخلاف العادل عن محاذاته فلا يصح اقتداؤه به للحائل، وإن كان الإمام والمأموم بغير مسجد من فضاء أو بناء شرط في فضاء ولو محوطا أو مسقفا أن لا يزيد ما بينهما ولا ما بين كل صفين أو شخصين ممن ائتم بالإمام خلفه أو بجانبه على ثلاثمائة ذراع بذراع الآدمي تقريبا أخذا من عرف الناس، فإنهم يعدونهما في ذلك مجتمعين فلا تضر زيادة ثلاثة أذرع كما في التهذيب وغيره، وإن كانا في بناءين كصحن وصفة من دار أو كان أحدهما ببناء والآخر بفضاء شرط مع ما مر آنفا إما عدم حائل بينهما يمنع مرورا أو رؤية، أو وقوف واحد حذاء منفذ في الحائل إن كان فإن حال ما يمنع مرورا كشباك أو رؤية كباب مردود أو لم يقف أحد فيما مر لم يصح الاقتداء إذ الحيلولة بذلك تمنع الاجتماع، وإذا صح اقتداء الواقف فيما مر فيصح اقتداء من خلفه أو بجانبه وإن حيل بينه وبين الإمام، ويكون ذلك كالإمام لمن خلفه أو بجانبه لا يجوز تقدمه عليه كما لا يجوز تقدمه على الإمام، ولا يضر في جميع ما ذكر شارع ولو كثر