مسموم أم لا، وذكروا مثله في الأعجمي الذي يعتقد أنه لا بد من الطاعة في كل ما يشار عليه به، ولم يفرقوا بين الصبي المميز وغيره، ولا نظروا إلى أن عمد الصبي عمد أم خطأ، وللنظرين محال، وإن كان بالغا عاقلا، فإن علم حال الطعام، فلا شئ على المناول والمقدم، بل الآكل هو المهلك نفسه، وإلا ففي القصاص قولان، وهما جاريان فيما لو غطى رأس بئر في دهليزه، ودعا إلى داره ضيفا، وكان الغالب أنه يمر على ذلك الموضع إذا أتاه، فأتاه وهلك بها، أظهرهما: لا قصاص، وطرد البغوي القولين فيما لو قال: كل، وفيه شئ من السم، لكنه لا يضرك، وفيما إذا جعل السم في جرة ماء على الطريق فشرب منه، ومات، ولتكن الصورة فيما إذا كان على طريق شخص معين، إما مطلقا، وإما في ذلك الوقت، وإلا فلا تتحقق العمدية، فإذا قلنا: لا قصاص، وجبت الدية على الأظهر، فإن هذا أقوى من حفر البئر، وفي قول: لا تجب تغليبا للمباشرة، ولو دس السم في طعام رجل، فأكله صاحبه جاهلا بالحال، ومات، فطريقان، أصحهما: أنه على القولين، إذا كان الغالب أنه يأكل منه، والثاني: القطع بالمنع، لأنه لم يوجد منه تغرير، ولا حمل على الاكل، وإنما وجد منه إتلاف طعامه، فعليه ضمانه، ولو دسه في طعام نفسه فدخل شخص داره بغير إذنه وأكله، فلا ضمان، فإن كان الرجل ممن يدخل داره، ويأكل انبساطا، فهل يجري القولان في القصاص، أم يقطع بنفيه؟ طريقان.
(١٢)