عن الغرض، وإما مجاوزا له، نظر إن كان ذلك لسوء الرمي، حسب على الرامي، ولا يرد إليه السهم ليرمي به، وإن كان لنكبة عرضت، أو خلل في آلة الرمي بغير تقصير من الرامي، فذلك السهم غير محسوب عليه، ويوضح هذا الأصل بصور، إحداها: إذا عرض في مرور السهم إنسان أو بهيمة فمنع السهم، أو القوس إن كان لتقصيره وسوء رميه حسب عليه، وإن الرمية عليه، فيعيدها، لأنه معذور، ولو انقطع الوتر، أو انكسر السهم، أو القوس إن كان تقصيره وسوء رميه حسب عليه، وإن كان لضعف الآلة وغيره لا لتقصيره وإساءته، لم تحسب، كما لو حدث في يده علة أو ريح، وقيل: إن وقع السهم عند هذه العوارض قريبا من الغرض، حسب عليه، حكاه الامام عن أبي إسحاق، وقيل إن وقع السهم مجاوزا للغرض، حسب عليه، لأن المجاوزة تدل على أن العارض لم يؤثر، وإنما هو لإساءته، والأول هو الصحيح المنصوص، لأن الخلل يؤثر تارة في التقصير، وتارة في الاسراف، فإن قلنا: تحسب عليه، فلو أصاب حسب له، وإن قلنا بالمنصوص: إنه لا يحسب عليه، فأصاب، حسب له على الأصح، لأن الإصابة مع النكبة تدل على جودة الرمي، ثم في كتاب ابن كج أن الانقطاع والانكسار إنما يؤثر حدوثهما قبل خروجه من القوس، وأما بعده، فلا أثر له، وصور البغوي انكسار السهم فيها إذا كان بعد خروجه من القوس، وجعله عذرا، ولو انكسر السهم نصفين بلا تقصير، وأصاب أحد نصفيه الغرض إصابة شديدة، فثلاثة أوجه، أحدها: لا تحسب، والثاني:
تحسب الإصابة بالنصف الأعلى، وهو الذي فيه الفوق دون الذي فيه النصل، والثالث وهو الصحيح، وبه قطع العراقيون والأكثرون وهو المنصوص: تحسب الإصابة بالنصف الذي فيه النصل دون الأعلى، ولو أصاب بالنصفين، لم تحسب إصابتين، وكذا لو رمى سهمين دفعة واحدة، ذكره ابن كج، ولو حاد السهم عن سنن الهدف، وخرج عن السماطين، حسب عليه لسوء رميه، ولو رمى إلى غير الجهة التي فيها الهدف، فهذا اشتغال بغير النضال الذي تعاقدا عليه، فلا يحسب عليه.
الثانية: كان في الغرض سهم، فأصاب سهمه فوق ذلك السهم، نظر إن كان ذلك السهم تعلق به، وبعضه خارج، لم يحسب له، لأنه لا يدري هل كان يبلغ الغرض لولا هذا السهم، ولا يحسب عليه أيضا، لأنه عرض دون الغرض عارض،