الأول، فرمى سهما، فوقع أبعد من الخمسة، سقط هذا السهم بالخمسة، وسقطت الخمسة بالأول، ولو رمى أحدهما خمسة، فوقعت قريبة من الغرض وبعضها أقرب من بعض، ثم رمى الثاني خمسة، فوقعت أبعد من خمسة الأول، سقطت خمسة الثاني بخمسة الأول، ولا يسقط من خمسة الأول شئ وإن تفاوتت في القرب، لان قريب كل واحد يسقط بعيد الآخر، ولا يسقط بعد نفسه، هذا هو الصحيح المنصوص وبه قطع الجمهور، وقيل: يسقط بعيد نفسه، كما يسقط بعيد غيره، ولو وقع سهم أحدهما بقرب الغرض، وأصاب سهم الآخر الغرض، فالمنقول أن الثاني يسقط الأول كما يسقط الأقرب الأبعد، ولك أن تقول: وإن كان الشرط أن الأسد أو الأصوب يسقط غيره، وأن الأقرب يسقط الأبعد على معنى الأقرب إلى الصواب، فهذا صحيح، وإن كان الشرط الأول أن الأقرب إلى الغرض يسقط الأبعد عنه، فينبغي أن يتساويا، ولو أصاب أحدهما الرقعة في وسط الغرض، والآخر الغرض خارج الرقعة، أو أصابا خارج الرقعة وأحدهما أقرب إليها، فقد حكى الشافعي رحمه الله عن بعض الرماة أن الذي أصاب الرقعة، أو كان أقرب إليها يسقط الآخر، قال: والقياس عندي أنهما سواء، وإنما يسقط القريب البعيد إذا كانا خارجين عن الشن، وفي هذا تأكيد لما استدركناه، وعد صاحب الحاوي المذهبين وجهين، ونقل الشافعي رحمه الله عن بعض الرماة أنه قال: القريب الذي يسقط البعيد هو الساقط، وهو السهم الذي يقع بين يدي الغرض، والعاضد، وهو الذي يقع في اليمين أو اليسار دون الخارج، وهو الذي يتجاوزه ويقع فوقه، قال الشافعي: والقياس أنه لا فرق لوقوع اسم القريب من الغرض، فالاعتبار بموضع ثبوت السهم واستقراره لا بحالة المرور، حتى لو قرب مروره من الغرض، ووقع بعيدا منه، لم يحتسب به إلا إذا شرط اعتبار حالة المرور، ولو شرطا أن ما أصاب القرطاس أسقط ما وقع حواليه، فقد حكى الامام والغزالي في صحته قولين حكياهما عن نقل العراقيين، ووجه المنع بأنه تعسر إصابة الوسط، وقد يصيبه الأخرق اتفاقا، وهذا النقل لا يكاد يوجد في كتب الأصحاب، والمفهوم من كلامهم القطع باتباع الشرط.
الخامسة: النكبات: هي التي تطرأ عند الرمي وتهوشه، وذلك يعم شرط القرع والخسق وغيرهما، والأصل أن السهم متى وقع مباعدا تباعدا مفرطا إما مقصرا