عدم الخسق، قال الشيخ أبو حامد: هذا إذا لم نجعل الثبوت في الهدف كالثبوت في الغرض، فإن جعلناه، فلا معنى لهذا الاختلاف.
المسألة الثالثة: إذا تناضلا مبادرة، وشرطا المال لمن سبق إلى إصابة عشرة من مائة مثلا، فسبق أحدهما إلى الإصابة المشروطة قبل كمال عدد الأرشاق، بأن رمى كل واحد منهما خمسين، وأصاب أحدهما منها عشرة والآخر دونها، فالأول ناضل وقد استحق المال، وهل يلزمه إتمام العمل؟ فيه طريقان، المذهب وبه قطع الجمهور: لا يلزم، لأنه تم العمل الذي تعلق به الاستحقاق، فلا يلزمه عمل آخر، والثاني: فيه وجهان حكاهما الامام والغزالي، ثانيهما: يلزمه لينتفع صاحبه بمشاهدة رميه ويتعلم منه، ولو تناضلا محاطة وشرطا المال لمن خلص له عشرة من مائة، فرمى كل واحد خمسين، وأصاب أحدهما في خمسة عشر، والآخر في خمسة، فقد خلص للأول عشرة هل يستحق بها المال، أم يتوقف الاستحقاق على استكمال الأرشاق؟ وجهان، أحدهما: يستحق بها كالمبادرة، والثاني وهو الصحيح: لا يستحق، لأن الاستحقاق منوط بخلوص عشرة من مائة، وقد يصيب الآخر فيما بقي ما يمنع خلوص عشرة للأول بخلاف المبادرة، فإن الإصابة بعدها لا ترفع ابتدار الأول إلى ذلك العدد، فإن قلنا بهذا، وجب إتمام الأرشاق، وإن قلنا بالأول وأنه لا حط بعد خلوص العدد المشروط، فهل للآخر أن يكلفه إتمام العمل؟
فيه الطريقان في المبادرة، ويجري الخلاف في كل صورة يتوقع الآخر منع الأول من خلوص المشروط أو نصله، كما إذا شرطا خلوص خمسة من عشرين، فرمى كل واحد خمسة عشر، وأصاب أحدهما عشرة والآخر ثلاثة، لأنهما إذا استكملا الأرشاق، فقد يصيب الآخر في الخمسة الباقية، ولا يصيب الأول في شئ منها، فلا يخلص له عشرة، فلو كانت الصورة بحالها، وأصاب الأول في عشرة من خمسة عشر، ولم يصب الآخر في شئ منها، فلا يرجو الآخر منع الأول من الخلوص، فيثبت له استحقاق المال في الحال قطعا، قال البغوي وغيره: ولا يلزمه إتمام الأرشاق، ولا يشك أنه يجئ فيه الخلاف المذكور في المبادرة، ولو رمى أحدهما والشرط المبادرة في المثال المذكور خمسين، وأصاب عشرة، ورمى الآخر تسعة وأربعين، وأصاب تسعة، فالأول ليس بناضل، بل يرمي الآخر سهما آخر فإن أصاب، فقد تساويا وإلا فقد ثبت الاستحقاق للأول، ولو أصاب الأول من خمسين