كان تزوجني، لزمه وحد القذف، فإن رجع، سقط حد الزنى وحده، ولو قال: زنيت بها مكرهة، لم يجب حد القذف، ويجب مع حد الزنى المهر، ولا يسقط المهر بالرجوع، ولو رجع بعد ما أقيم بعض الحد، ترك الباقي، ولو قتله شخص بعد الرجوع، ففي وجوب القصاص وجهان نقلهما ابن كج، وقال: الأصح لا يجب، وبه قال أبو إسحاق لاختلاف العلماء في سقوط الحد بالرجوع، ولو رجع بعد ما جلد بعض الحد، فأتم الامام الحد، فمات منه، والامام يعتقد سقوط الحد بالرجوع، فنقل ابن قطان في وجوب القصاص قولين، فإن قلنا: لا يجب، نصف الدية، أم يوزع على السياط؟ قولان، وقال ابن كج: عندي لا قصاص، والرجوع كقوله: كذبت، أو رجعت عما أقررت به، أو ما زنيت، أو كنت فأخذت، أو لمست فظننته زنى، ولو شهدوا على إقراره بالزنى، فقال: ما أقررت، أو قال بعد حكم الحاكم بإقراره: ما أقررت، فالصحيح أنه لا يلتفت إلى قوله، لأنه تكذيب للشهود والقاضي، وعن أبي إسحاق والقاضي أبي الطيب:
يقبل، لأنه غير معترف في الحال، وإن قال: لا تقيموا علي الحد، أو هرب، أو امتنع من الاستسلام، فهل هو رجوع؟ وجهان، أصحهما: لا، لكن يخلي في الحال ولا يتبع، فإن رجع فذاك، وإلا أقيم عليه حد، ولو أتبع الهارب، فرجم، فلا ضمان، لأن النبي (ص) لم يوجب عليهم في قضية ماعز رضي الله عنه شيئا، والرجوع عن الاقرار بشرب الخمر، كالرجوع عن الاقرار بالزنى، وفي الرجوع عن الاقرار بالسرقة وقطع الطريق خلاف يأتي في السرقة إن شاء الله تعالى.
فرع لو تاب من ثبت زناه، فهل يسقط الحد عنه بالتوبة؟ قولان، أظهرهما وهو الجديد: لا يسقط، لئلا يتخذ ذلك ذريعة إلى إسقاط الحدود والزواجر، ثم قيل: القولان فيمن تاب قبل الرفع إلى القاضي، فأما بعده، فلا يسقط قطعا، وقيل: هما في الحالين.
فرع إذ ثبت زناه ببينة، لم يسقط الحد برجوع ولا بالتماس ترك الحد، ولا بالهرب ولا غيرها، هذا هو المذهب، وفيه خلاف حكاه الامام، ولو أقر بالزنى، ثم شهد عليه أربعة بالزنى، ثم رجع عن الاقرار، هل يحد؟ وجهان، قال ابن القطان: نعم، وأبو إسحاق: لا، إذ لا أثر للبينة مع الاقرار وقد بطل