بعد ذلك، لزمه الأرش، وإن عادت كما كانت، فلا أرش، وفي وجوب الحكومة وجهان، كما إذا لم يبق في الجراحة نقص ولا شين، وإن بقيت كذلك ناقصة المنفعة، فهل يجب الأرش أم الحكومة؟ فيه القولان، فإن قلعها آخر، فعليه الأرش إن أوجبنا على الأول الحكومة، والحكومة إن أوجبنا على الأول الأرش، قال الشيخ أبو حامد: إن قلنا: تجب الحكومة، فهي دون حكومة السن المتحركة بهرم ومرض، لأن النقص الذي فيها قد غرمه الجاني الأول بخلاف الهرم، وقطع المتولي بأنه ليس على الثاني إلا حكومة بخلاف ما لو كان الاضطراب بهرم ومرض، لأن خلل الجناية يخالفهما، ولهذا لو قتل مشرفا على الموت في آخر رمق بالمرض، وجب القصاص، ولو كان في هذا الحال بجناية، فلا قصاص، ولو جنى على سن، فاضطربت ونقصت منفعتها، وقلنا: الواجب عليه الحكومة، فعاد وقلعها قبل أن يضمن الحكومة، فعليه الأرش بكماله.
فرع قلع سنا سوداء كاملة المنفعة، نظر، إن كانت سوداء قبل أن يثغر وبعده، لزمه كمال الأرش، وإن كانت في الأصل بيضاء، فلما ثغر نبتت سوداء، أو نبتت بيضاء ثم اسودت، فعن نص الشافعي رحمه الله أنه يراجع أهل الخبرة، فإن قالوا: لا يكون ذلك إلا لعلة حادثة، ففي قلعها الحكومة، وإن قالوا: لم يحدث ذلك لعلة، أو قالوا: مثل هذا قد يكون لعلة ومرض، وقد يكون لغيره، وجب كمال الأرش، والرد إلى الحكومة للمرض مع كمال المنفعة خلاف القياس، وإن ضرب سنا فاسودت، فهل يجب الأرش أم الحكومة؟ نقل المزني اختلاف نص فيه، فقيل: قولان والمذهب وما قطع به الجمهور تنزيل النصين على حالين، إن فاتت المنفعة مع الاسوداد، وجب الأرش، وإلا فالحكومة، ولو اخضرت السن بجناية أو اصفرت، وجبت الحكومة، وحكومة الاخضرار أقل من الاسوداد، وحكومة الاصفرار أقل من الاخضرار.