لو كانت كلها موضحة لم يجب إلا أرش، فهنا أولى، فلو اقتص فيما فيها من الموضحة، فهل له الحكومة لما حولها من المتلاحمة والسمحاق؟ قال البغوي:
يحتمل أن يكون فيه وجهان، كما لو قطع يده من نصف الكف، فاقتص من الأصابع، هل له حكومة نصف الكف؟ وجهان.
السبب الثاني: اختلاف المحل، فلو نزل في الايضاح من الرأس إلى الجبهة إما لشمول الايضاح، وإما بأن أوضح شيئا من الرأس وشيئا من الوجه، وجرح بينهما جراحة دون الموضحة، فوجهان، أحدهما: الحاصل موضحة، لأن الجبهة والرأس محل الايضاح، وأصحهما: موضحتان لاختلاف المحل، ولو شملت الموضحة الجبهة والوجنة، قال الامام: في التعدد تردد، والمذهب الاتحاد تنزيلا لاجزاء الوجه منزلة أجزاء الرأس، ولو جر السكين من موضحة الرأس إلى القفا، وجرح القفا مع إيضاحه أو بغير إيضاحه، لزمه مع أرش الموضحة حكومة لجرح القفا، لأنه ليس محل الايضاح، فلم تدخل حكومته في الأرش، ولو جر السكين من موضحة الرأس إلى الجبهة، وجرحها جراحة متلاحمة، فإن قلنا: لو أوضح في الجبهة أيضا، كان الحاصل موضحة، دخلت حكومة جراحة الجبهة في أرش الموضحة، وإن قلنا: الحاصل موضحتان، وجب مع الأرش حكومة.
السبب الثالث: تعدد الفاعل، بأن أوضح رجلا، فوسع آخر تلك الموضحة، أو أوضح قطعة متصلة بموضحة الأول، فعلى كل واحد منهما أرش كامل، ولو وسع الأول موضحته، لزمه أرش واحد على الصحيح، وقيل: أرشان.
السبب الرابع: اختلاف الحكم، بأن أوضحه موضحة واحدة هو في بعضها مخطئ، وفي بعضها متعمد، أو في بعضها مقتص وفي بعضها متعد، فهل الحاصل موضحة لاتحاد الصورة والجاني والمحل، أم موضحتان لاختلافهما؟
وجهان، أصحهما: موضحتان، فإن قلنا: موضحة، وزع الأرش على البعضين، وإن قلنا: موضحتان، وجب أرش كامل لما تعدى به، ولو أوضح موضحتين عمدا ورفع الحاجز بينهما خطأ، وقلنا بالصحيح: أنه لو رفعه عمدا تداخل الأرشان، فهل يلزمه أرش ثالث أم لا يلزمه إلا أرش واحد؟ وجهان.