قال الأصحاب: ولم يخالف عمر أحد من الصحابة رضي الله عنهم، فصار كالاجماع، وعقد الذمة لهم مؤبدا، فليس لأحد نقض ما فعله، قالوا: وفيه إشكال من وجهين:
أحدهما: أنه ربما كان فيهم من يقل ماله الزكوي، فيكون المأخوذ منه أقل من دينار، وربما قلت أموالهم الزكوية، فينقص المأخوذ عن دينار لكل رأس، الثاني: أنه وإن وفى المأخوذ بدينار لكل رأس، فربما كان فيهم من لا يملك مالا زكويا فيكون قد قرر بلا جزية، ولا يجوز ذلك، وإن بذل غيره أكثر من دينار، كما لو قال واحد: خذوا مني عشرة دنانير على أن لا جزية على تسعة معي، ولم ينقل أنه رضي الله عنه سأل عن هذه الأمور، وأجيب عن الأول بأن فعله رضي الله عنه محمول على أن المأخوذ لا ينقص عن دينار لكل رأس، أو أنه شرط عليهم الاتمام إن نقص، وقيل: احتمل ذلك، لأنه إن نقص في وقت فربما زاد في وقت فتجبر الزيادة النقص، وعن الثاني، بأن المأخوذ من أصحاب أموال الزكوية مأخوذ عنهم وعن الآخرين، ولبعضهم أن يلتزم عن نفسه وعن غيره، وغرضنا تحصيل دينار عن كل رأس، هذا ما ذكره ابن أبي هريرة والأكثرون، وقال أبو إسحاق: لا يجوز، لأن فيه تقرير بعضهم بلا مال،. وأجري الوجهان فيما لو التزم واحد عشر دنانير عنه وعن تسعة، إذا تقرر هذا، فلو طلب قوم من أهل الكتاب أن يؤدوا الجزية باسم الصدقة، ولا يؤدوها باسم الجزية، فللامام إجابتهم إذا رأى ذلك، ويسقط عنهم الإهانة واسم الجزية، ويأخذ ضعف الصدقة، وسواء في هذا العرب والعجم، وقيل: يختص الجواز بالعرب لشرفهم، والصحيح الأول، ويشترط عليهم بمال الزكاة وقدرها، ويكفي أن يقول الإمام: جعلت عليكم ضعف الصدقة، أو صالحتكم على ضعف الصدقة، والمأخوذ جزية تصرف مصرف الفئ، ولا يؤخذ شئ من الأموال الصبيان والمجانين والنسوة وينظر في الحاصل هل يفي بدينار عن كل رأس؟ فإن لم يف، زاد إلى ثلاثة أضعاف فأكثر، وهل يدخل الفقير في التوزيع؟ فيه الخلاف السابق في أنه تؤخذ منه جزية أم لا، ولو كثروا وعسر عددهم لمعرفة الوفاء بالدينار، فهل يجوز الاخذ بغلبة الظن؟ وجهان، أصحهما: لا، بل يشترط تحقق أخذ دينار عن كل رأس، ويجوز الاقتصار على قدر الصدقة وعلى نصفها إذا حصل الوفاء بالدينار،