فصل إذا استأذن حربي في دخول دار الاسلام، أذن له الامام إن كان يدخل لرسالة، أو حمل ميرة، أو متاع تشتد حاجة المسلمين إليه، قال الامام: ولا يجوز توظيف مال على رسول، ولا على مستجير لسماع كلام الله تعالى، لأن لهما الدخول بلا إذن، وإن كان يدخل لتجارة لا تشتد الحاجة إليها، جاز للامام أن يأذن له ويشرط عليه عشر ما معه من مال التجارة، ولو دخل غير تاجر بأمان مسلم، لم يطالب بشئ، وقيل: إن دخل الحجاز، وجب دينار، لعظم حرمته، ولو رأى الامام أن يزيد المشروط على العشر، جاز على الأصح، ويجتهد فيه كما في زيادة الجزية على دينار، ولو رأى أن يحط الضريبة عن العشر، ويردها إلى نصف العشر فما دونه، فله ذلك، وله أن يشرط في نوع من تجارتهم نصف العشر، وفي غيره العشر، ولو رأى أن يأذن لهم بغير شئ، جاز على الأصح، وبه قطع الجمهور، لأن الحاجة تدعو إليه لاتساع المكاسب وغيره، ثم إن كان المشروط أن يأخذ من تجارة الكافر، أخذ، سواء باع أم لا، وإن كان المشروط أن يأخذ من ثمن تجارته، لم يأخذ حتى يبيع، وأما الذمي، فله أن يتجر فيما سوى الحجاز من بلاد الاسلام، ولا يؤخذ من تجارته شئ، قال في البيان: إلا أن يشترط عليه مع الجزية شئ من تجارته، فلو أراد أن يدخل الحجاز، ويتجر فيه، فقد ذكر الغزالي في الوجيز خلافا في أنه هل يؤخذ منه شئ؟ ولا وجود لهذا الخلاف في شئ من كتب الأصحاب، ولم يذكره الامام والغزالي في الوسيط بل الذي نقله الأصحاب أن الذمي في الحجاز كالحربي في سائر بلاد الاسلام، وما يؤخذ من الذمي لا يؤخذ في كل سنة إلا مرة، كالجزية، وكذا الحربي إذا أخذت منه الضريبة مرة لا تؤخذ ثانيا حتى يمضي إذا كان يطوف في بلاد الاسلام بأجر أو يكتب له وللذمي براءة حتى لا يطالب في بلد آخر قبل الحول، فإن رجع إلى دار الحرب، ثم عاد في الحول، فهل تؤخذ كل مرة أم لا تؤخذ إلا مرة؟ وجهان، أصحهما: الثاني وهو ظاهر نصه، والامام بالخيار فيما يضربه بين استيفائه دفعة أو دفعات، ثم ما ذكرنا من أخذ المال من تجارة الحربي أو الذمي هو فيما إذا شرط الامام عليه، فأما إذا أذن لحربي في دار الاسلام، أو لذمي في دخول الحجاز بلا شرط، فوجهان، أحدهما:
تؤخذ، حملا للمطلق على المعهود، وأصحهما: المنع، لأنهم لم يلتزموا.
فرع المرأة التابعة للزوج أو القريب في عقد الذمة إذا ترددت متجرة في