ولو امتنع لقتل، جاز أن يستسلم، فإن المكاوحة والحالة هذه استعجال القتل، والأسر يحتمل الخلاص، ولو علمت المرأة أنها لو استسلمت امتدت الأيدي إليها، لزمها الدفع وإن كانت تقتل، لأن من أكره على الزنى لا تحل له المطاوعة لدفع القتل، فإن كانت لا تقصد بالفاحشة في الحال وإنما يظن ذلك بعد السبي، فيحتمل أن يجوز لها الاستسلام في الحال، ثم تدفع حينئذ، ولو كان في أهل البقعة كثرة، خرج بعضهم وفيهم كفاية، ففي تحتم المساعدة على الآخرين وجهان، أصحهما: الوجوب، لأن الواقعة عظيمة، وأما غير أهل تلك الناحية، فمن كان منهم على دون مسافة القصر، فهو كبعضهم، حتى إذا لم يكن في أهل البلدة كفاية، وجب على هؤلاء أن يطيروا إليهم، وإن كان فيهم كفاية، ففي وجوب المساعدة عليهم الوجهان، ومن كان على مسافة القصر، إن لم يكن في أهل البلدة والذين يلونهم كفاية، وجب عليهم أن يطيروا إليهم، فإن طار إليهم من تحصل به الكفاية، سقط الحرج عن الباقين، وهذا معنى قول البغوي: إذا دخل الكفار دار الاسلام، فالجهاد فرض عين على من قرب، وفرض كفاية فيحق من بعد، وعلى هذا فحكم أهل الاعذار على ما ذكرناه في الضرب الأول وفيه وجه، أنه يجب على جميعهم المساعدة والمسارعة وليكن هذا في الأقربين ممن هو على مسافة القصر، وإن كان في أهل البلدة والذين يلونهم كفاية، فالأصح أنه لا يجب على الذين فوق مسافة القصر المساعدة، لأنه يؤدي إلى إيجاب على جميع الأمة، وفي ذلك حرج من غير حاجة، والثاني: يجب على الأقربين فالأقربين بلا ضبط حتى يصل الخبر بأنهم قد دفعوا وأخرجوا، وليس لأهل البلدة، ثم الأقربين فالأقربين إذا قدروا على القتال أن يلبثوا إلى لحوق الآخرين، ولا يشترط وجود المركوب فيمن دون مسافة القصر، وفيمن على مسافة القصر فما فوقها وجهان، أصحهما: الاشتراط، كالحج، والثاني: لا، لشدة الخطب، ويشترط فيمن فوق مسافة القصر ودونها وجود الزاد على الأصح، إذ لا استقلال بغير زاد، ولا معنى لالزامهم الخروج مع العلم بأنهم سيهلكون، ولو نزل الكفار على خراب، أو جبل في دار الاسلام بعيد
(٤١٧)