تبرع من في ذمته بالنصف الآخر، فالطريق أن ينقل ويملكه ويقبله صاحبه ويقبضه، فإنه ابتداء هبة، ولا ينتظم لفظ العفو والابراء من جهته. لكن لو كان الصداق في ذمة الزوج، وقلنا: لا يشترط إلا باختياره، فقال: عفوت، سقط اختياره كعفوه عن الشفعة، ويبقى جميع الصداق لهفي ذمته. أما إذا كان الصداق عينا، فالتبرع فيها هبة. فإن كانت في يد المتبرع، اشترط الايجاب والقبول والقبض. وإن كانت في يد الآخر، فهو هبة لمن المال في يده، فتعتبر مدة إمكان القبض. وفي افتقاره إلى إذن جديد، في القبض بهذه الجهة خلاف سبق في كتاب الرهن. وإن كانت العين عند الطلاق في يد الزوج، فذلك قد يكون بعد قبضها، وقد يكون باستمرار يده السابقة قبل الاصداق. وعلى التقدير الثاني، يزيد النظر في أن تبرعها كهبة المبيع للبائع قبل القبض إذا قلنا: الصداق في يده مضمون ضمان العقود، ثم التبرع في العين ينفذ بلفظ الهبة والتمليك، ولا ينفذ بلفظ الابراء والاسقاط على المذهب. وحكى الحناطي فيهما وجهين. وينفذ بلفظ العفو على الأصح لظاهر القرآن، هذا في تبرعها وتبرعه إذا ملكناه بنصف الطلاق، فأما إذا قلنا: له خيار التملك، فيعتبر لفظ العفو في إسقاط الخيار ويبقى الجميع لها.
القاعدة الثانية: هل للولي العفو عن صداقها؟ قولان بناء على أن من هو الذي بيده عقدة النكاح؟ الجديد: المنع، والقديم: الجواز بخمسة شروط. أن يكون أبا أو جدا، وأن تكون بكرا عاقلة صغيرة، وأن يكون بعد الطلاق، وأن يكون قبل الدخول، وأن يكون الصداق دينا، هذا هو المذهب تفريعا على القديم. وفي وجه: له العفو في الثيب والمجنونة والبالغة والمحجور عليها والرشيدة، وقبل الطلاق إذا رآه مصلحة، وعن العين أيضا. والصحيح الأول. ولو زوجها الأب ومات، ففي صحة عفو الجد وجهان، لأن الصداق لم يثبت به لكنه ولي. ولو خلعها الولي على نصف الصداق وجوزنا العفو، صحت المخالعة، قاله المتولي