لأن المدعى عليه لا يقول بحصول الملك بالهبة، بل يزعم دوام الملك السابق، وفي الصداق زال الملك حقيقة وعاد بالهبة.
قلت: هذا الثاني هو الصحيح. والله أعلم.
فرع وهبت الصداق للزوج، على أنه إن طلقها كان ذلك عن مستحقه بالطلاق، فوجهان. أحدهما: فساد الهبة ويبقى الصداق ملكا لها. فإن طلق، تشطر. والثاني: يصح ولا رجوع بالطلاق، كما لو عجل الزكاة، وليكن الوجهان مبنيين على أن الهبة المطلقة هل تمنع الرجوع؟ إن قلنا: تمنع، فهذا تصريح بمقتضاها، فيصح ولا رجوع، وإلا فتفسد بالشرط الفاسد.
فرع وهبته نصف الصداق، فطلق قبل الدخول. فإن قلنا: هبة الكل لا تمنع الرجوع، فهنا أولى وإلى ماذا يرجع؟ فيه ثلاثة أقوال. أظهرها: إلى نصف الباقي وربع بدل الجملة. والثاني: إلى نصف الباقي. والثالث: يتخير، إن شاء أخذ بدل نصف الجملة، وإن شاء أخذ نصف الباقي وربع بدل الجملة. وإن قلنا: هبة الكل تمنع الرجوع، فهل يرجع بالنصف الباقي، أم بنصف الباقي، أم لا يرجع بشئ؟ فيه ثلاثة أقوال. أظهرها: الثالث وهو نصه في المختصر، فحصل في المسألة خمسة أقوال. ولو كان الصداق دينا وأبرأته من نصفه ثم طلقها، قال المتولي: إن قلنا: لو أبرأت عن الجميع يرجع، فهنا يسقط عنه النصف الباقي. و (أيضا) إن قلنا: لا يرجع بشئ، فهنا وجهان. أحدهما: يحسب عليه.
والثاني: يسقط عنه النصف الباقي. ولو أبرأ المشتري عن نصف الثمن، ثم وجد المشتري بالمبيع عيبا وأراد رده، فحكمه كما ذكرنا في الابراء عن نصف الصداق.
ولو أبرأه عن عشر الثمن، واطلع على عيب قديم، وحدث عنده عيب، وأرش العيب القديم العشر، فالمذهب أنه يطالب بالأرش.
فصل خالعها قبل الدخول على غير الصداق، فله المسمى ولها نصف الصداق. وإن خالعها على جميع الصداق، فقد خالع على ماله ومالها، لعود