الذمة لأنه دخل في دين باطل، وإن دخل في دين من لم يبدل فإن كان ذلك قبل النسخ بشريعة بعده أخذت منه الجزية لأنه دخل في دين حق، وإن كان بعد النسخ بشريعة بعده لم تؤخذ منه الجزية وقال المزني رحمه الله تؤخذ منه، ووجهه أنه دخل في دين يقر عليه أهله، وهذا خطأ لأنه دخل في دين باطل فلم تؤخذ منه الجزية كالمسلم إذا ارتد، وإن دخل في دينهم ولم يعلم أنه دخل في دين من بدل أو في دين من لم يبدل كنصارى العرب وهم بهراء وتنوخ وتغلب أخذت منهم الجزية، ولان عمر رضي الله عنه أخذ منهم الجزية باسم الصدقة، ولأنه أشكل أمره فحقن دمه بالجزية احتياطا للدم، وأما من تمسك بالكتب التي أنزلت على شيث وإبراهيم وداود ففيه وجهان (أحدهما) وهو قول أبي إسحاق انهم يقرون ببذل الجزية لأنهم أهل كتاب فأقروا ببذل الجزية كاليهود والنصارى (والثاني) لا يقرون لأن هذه الصحف كالأحكام التي تنزل بها الوحي، وأما السامرة والصابئون ففيهم وجهان (أحدهما) أنه تؤخذ منهم الجزية (والثاني) لا تؤخذ وقد بيناهما في كتاب النكاح، وأما من كان أحد أبويه وثنيا والآخر كتابيا فعلى ما ذكرناه في النكاح. وإن دخل وثنى في دين أهل الكتاب وله ابن صغير فجاء الاسلام وبلغ الابن واختار المقام على الدين الذي انتقل إليه أبوه أخذت منه الجزية، لأنه تبعه في الدين فأخذت منه الجزية، وإن غزا المسلمون قوما من الكفار لا يعرفون دينهم، فادعوا أنهم من أهل الكتاب أخذت منهم الجزية لأنه لا يمكن معرفة دينهم إلا من جهتهم فقيل قولهم. وإن أسلم منهم اثنان وعدلا وشهدا أنهم من غير أهل الكتاب نبذ إليهم عهدهم لأنه بان بطلان دعواهم.
(الشرح) حديث عبد الرحمن بن عوف (سنوا بهم سنة أهل الكتاب) رواه الشافعي ومالك في الموطأ أن عمر ذكر المجوس فقال ما أدرى كيف أصنع في أمرهم؟ فقال عبد الرحمن بن عوف أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
سنوا بهم سنة أهل الكتاب وقال الجد ابن تيمية: هو دليل على أنهم ليسوا من أهل الكتاب.