تجزئ عن أحد بعدك، والمتجازي المتقاضي عند العرب، وقيل الجزاء، الغذاء، قال الشاعر:
مقيم عندها لم يجز مكبول أي لم يفد، ويدينون دين الحق أي يطيعون، والدين الطاعة والانقياد قال المصنف رحمه الله تعالى:
لا يجوز أخذ الجزية ممن لا كتاب له ولا شبهة كتاب كعبدة الأوثان لقوله عز وجل (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) فخص أهل الكتاب بالجزية فدل على أنها لا تؤخذ من غيرهم، ويجوز أخذها من أهل الكتابين وهم اليهود والنصارى للآية، ويجوز أخذها ممن بدل منهم دينه، لأنه وإن لم تكن لهم حرمة بأنفسهم فلهم حرمة بآبائهم، ويجوز أخذها من المجوس لما روى عبد الرحمن بن عوف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال سفوا بهم سنة أهل الكتاب وروى أيضا عبد الرحمن بن عوف أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس هجر، واختلف قول الشافعي رحمه الله هل كان لهم كتاب أم لا؟ فقال فقال فيه قولان (أحدهما) أنه لم يكن لهم كتاب، والدليل عليه قوله عز وجل (وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا وإن كنا عن دراستهم لغافلين) (والثاني) أنه كان لهم كتاب، والدليل عليه ما روى عن علي كرم الله وجهه أنه قال: كان لهم علم يعلمونه وكتاب يدرسونه، وان ملكهم سكر فوقع على ابنته أو أخته فاطلع عليه بعض أهل مملكته فجاءوا يقيمون عليه الحد فامتنع فرفع الكتاب من بين أظهرهم وذهب العلم من صدروهم.
(فصل) وان دخل وثنى في دين أهل الكتاب نظرت فإن دخل قبل التبديل أخذت منه الجزية وعقدت له الذمة لأنه دخل في دين حق، وان دخل بعد التبديل نظرت فإن دخل في دين من بدل لم تؤخذ منه الجزية ولم تعقد له