الجارية إلا بالفتح فلم يستحق من غير الفتح شيئا، وان فتحت عنوة ولم تكن فيها جارية لم يستحق شيئا لأنه شرط معدوم وإن كانت فيها جارية سلمت إليه ولا حق فيها للغانمين ولا لأهل الخمس لأنه استحقها بسبب سابق الفتح، وان أسلمت الجارية قبل القدرة عليها لم يستحقها لان اسلامها يمنع من استرقاقها، ويجب له قيمتها، لان النبي صلى الله عليه وسلم صالح أهل مكة على أن يرد إليهم من جاء من المسلمات فمنعه الله عز وجل من ردهن وأمره أن يرد مهورهن، وان أسلمت بعد القدرة عليها فإن كان الدليل مسلما سلمت إليه، وإن كان كافرا فإن قلنا إن الكافر يملك العبد المسلم بالشراء استحقها ثم أجبر على إزالة الملك عنها، وان قلنا إنه لا يملك، دفع إليه قيمتها، وان أسلم الدليل بعد ذلك لم يستحقها، لأنه أسلم بعد ما انتقل حقه إلى قيمتها، وان فتحت والجارية قد ماتت ففيه قولان:
(أحدهما) أن له قيمتها لأنه تعذر تسليمها فوجب قيمتها كما لو أسلمت.
(والثاني) أنه لا يجب له قيمتها لأنه غير مقدور عليها فلم يجب قيمتها، كما لو لم تكن فيها جارية، وان فتحت صلحا نظرت فإن لم تدخل الجارية في الصلح كان الحكم فيها كالحكم إذا فتحت عنوة، فإن دخلت في الصلح ففيه وجهان (أحدهما) وهو قول أبي إسحاق ان الجارية للدليل وشرطها في الصلح لا يصح ما لو زوجت امرأة من رجل ثم زوجت من آخر (والثاني) أن شرطها في الصلح صحيح لان الدليل لو عفا عنها أمضينا الصلح فيها، ولو كان فاسدا لم يمض الا بعقد مجدد، فعلى هذا ان رضى الدليل بغيرها من جواري القلعة أو رضى بقيمتها أمضينا الصلح وان لم يرض ورضى أهل القلعة بتسليمها فكذلك.
وان امتنع أهل القلعة من دفع الجارية وامتنع الدليل من الانتقال إلى البدل ردوا إلى القلعة وقد زال الصلح لأنه اجتمع أمران متنافيان وتعذر الجمع بينهما وحق الدليل سابق ففسخ الصلح ولصاحب القلعة أن يحصن القلعة كما كانت من غير زيادة، وان فتحت بعد ذلك عنوة كانت الجارية للدليل وان لم تفتح لم يكن له شئ