الأمة وان لم يكن القتل مذكورا في هذه الآية، لأنه قد أذن بقتلهم في آية أخرى، وذلك قوله تعال (فاقتلوا المشركين) بل ذلك كذلك لان رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك كان يفعل فيمن صار أسيرا من أهل الحرب فيقتل بعضا ويفادى ببعض ويمن ببعض وقال العلامة القاسمي في محاسن التأويل: وبالجملة فالذي عول عليه الأئمة المحققون رضي الله عنهم أن الأمير يخير بعد الظفر تخيير مصلحة لا شهوة في الاسراء المقاتلين بين قتل واسترقاق ومن وفداء، ويجب عليه اختيار الأصلح للمسلمين لأنه يتصرف لهم على سبيل النظر فلم يجز له ترك ما فيه الحظ، ثم قال فإن منهم (أي الأسرى) من له قوة ونكاية في المسلمين فقتله أصلح، ومنهم الضعيف ذو المال الكثير ففداؤه أصلح، ومنهم حسن الرأي في المسلمين يرجى اسلامه فالمن عليه أولى ومن ينتفع بخدمته ويؤمن شره فاسترقاقه أصلح. وذكر ذلك في شرح الاقناع وقال ابن حزم (أبطل الله تعالى كل عهد ولم يقره ولم يجعل للمشركين الا القتل أو الاسلام، ولأهل الكتاب خاصة اعطاء الجزية وأمن المستجير والرسول حتى يؤدى رسالته، ويسمع المستجير كلام الله ثم يردان إلى بلادهما ولا مزيد، فكل عهد غير هذا فهو باطل مفسوخ لا يحل الوفاء به لأنه خلاف شرط الله عز وجل وخلاف أمره وقال الشوكاني (والحاصل أن القرآن والسنة قاضيان بما ذهب إليه الجمهور فإنه قد وقع منه صلى الله عليه وسلم المن وأخذ الفداء كما في الأحاديث، ووقع منه القتل، فإنه قتل النضر بن الحرث وعقبه بن معبط وغيرهما ووقع منه فداء رجلين من المسلمين برجل من المشركين قال الترمذي بعد أن ساق حديث عمران بن حصين في فداء أسيرين من المسلمين (والعمل على هذا عن أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم ان للامام ان يمن على من شاء من الأسارى ويقتل من شاء منهم ويفدى ن شاء) واختار بعض أهل العلم القتل على الفداء، ويروى أنه قيل لأحمد (إذا أسر الأسير يقتل أو يفادى أحب إليك؟ قال إن قدر ان يفادى
(٣١١)