(والثاني) وهو قول أبى علي بن أبي هريرة انه تحملها العاقلة، لأنه لم يقصد الجناية.
(فصل) وإن قتل عبدا خطأ أو عمد خطأ ففي قيمته قولان (أحدهما) أنها تحملها العاقلة، لأنه يجب القصاص والكفارة بقتله فحملت العاقلة بدله كالحر، (والثاني) أنه لا تحملها العاقلة لأنه مال فلم تحمل العاقلة بدله كسائر الأموال.
(الشرح) حديث المغيرة بن شعبة ولفظه (أن امرأة ضربتها ضربتها بعمود فسطاطا فقتلتها وهي حبلى) فأتى فيها النبي صلى الله عليه وسلم فقضى فيها على عصبة القاتلة بالدية في الجنين غرة، فقال عصبتها: أندى ما لا طعم ولا شرب ولا صاح ولا استهل، مثل ذلك يطل؟ فقال سجع مثل سجع الاعراب) رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي والترمذي ولم يذكر اعترض العصبة وجوابه.
وأخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة وابن حبان والحاكم وصححاه من حديث ابن عباس وأخرجه عبد الرزاق عن حمل بن مالك وكذلك البيهقي، رواه أيضا من طريق حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن طاوس، وأخرجه البخاري في الاعتصام بألفاظ مختلفة.
أما اللغات فقوله (العاقلة وما تحمله) العاقلة مأخوذة من العقل وهو الشد والربط، ومنه قيل لمن له حجار ونهى عاقل، وهو ضد الحمق. قال ابن الأنباري رجل عاقل وهو الجامع لامره ورأيه، مأخوذ من عقلت البعير إذا جمعت قوائمه. وفى الحديث (القرآن كالإبل المعقلة) والعقل في العروض إسقاط الياء من مفاعلين بعد اسكانها في مفاعلين فيصير مفاعلن والعقل الدية وعقل القتيل يعقله وداه، وعقل عنه أدى جنايته وذلك إذا لزمته دية فأعطاها عنه، وهذا هو الفرق بين عقلته وعقلت له وعقلت عنه، وعقلت له دم فلان إذا ترك القود للدية.
قالت كبشة أخت عمرو بن معد يكرب:
وأرسل عبد الله إذ حان يومه * إلى قومه لا تعقلوا لهم دمى وإنما قيل للدية عقل لأنهم كانوا يأتون بالإبل فيعقلونها بفناء ولى المقتول، والعاقلة العصبة والقرابة من قبل الأب الذين يعطون دية قتل الخطأ، وهي صفة