وهو قول الحنابلة ومالك. وقال أبو ثور وأصحاب الرأي لا يحنث، كما لو قضاء دينه فجاءت النقود زيوفا وجملة ذلك أنه إذا حلف لا يملك مالا حنث يملك كل ما يسمى مالا، سواء كان من الأثمان أو غيرها من العقار والأثاث والحيوان. وعن أحمد أنه إذا نذر الصدقة بجميع ماله إنما يتناول نذره الصامت من ماله، ذكرها ابن أبي موسى:
لان إطلاق المال ينصرف إليه وقال أبو حنيفة: لا يحنث إلا أن ملك مالا زكويا استحسانا. لان الله تعالى قال " وفي أموالهم حق للسائل والمحروم " فلم يتناول الا الزكوية ولنا أن غير الزكوية أموال: قال الله تعالى أن تبتغوا بأموالكم " وهي مما يجوز ابتغاء النكاح بها. وقال أبو طلحة للنبي صلى الله عليه وسلم: أن أحب أموالي إلى بنيرحاء. يعنى حديقة. وقال عمر: أصبت مالا بأرض خبير لم أصب مالا قط أنفس عندي منه. وقال أبو قتادة اشتريت مخرفا فكان أول مال تأثلته وفي الحديث " خير المال سكة مأبورة أو مهرة مأمورة " ويقال " خير المال عين قرارة في أرض خوارة " ولأنه يسمى مالا فحنث به كالزكوي.
وأما قوله " وفي أموالهم حق " فالحق ههنا غير الزكاة: لأن هذه الآية مكية نزلت قبل فرض الزكاة فإن الزكاة إنما فرضت بالمدينة ثم لو كان الحق الزكاة فلا حجة فيها، فإن الحق إذا كان في بعض المال فهو في المال، كما أن من هو في بيت من دار أو في بلدة فهو في الدار والبلدة. قال تعالى " وفي السماء رزقكم وما توعدون ولا يلزم أن يكون في كل أقطارها. ثم لو اقتضى هذا العموم لوجب تخصيصه:
فإن ما دون النصاب مال ولا زكاة فيه. فإن حلف لا مال له وله دين حنث وقال أبو حنيفة لا يحنث لأنه لا ينتفع به دليلنا أنه ينعقد عليه حول الزكاة ويصح اخراجها عنه ويصح التصرف فيه بالابراء والحوالة والمعاوضة عنه لمن هو في ذمته والتوكيل في استيفائه فيحنث به كالمودع (فرع) إن كان له مال مغصوب حنث لأنه باق على ملكه، فإن كان له مال ضائع أو ضال ففيه، جهان (أحدهما) يحنث، لان الأصل بقاؤه على ملكه