والثاني وهو قول أبي إسحاق وغيره أنه يحنث لأنه بيت جعل للايواء والسكنى فأشبه بيوت المدر. وقولهم إنه غير متعارف في حق أهل القرى يبطل بالبيت من المدر فإنه غير متعارف في حق أهل البادية ثم يحنث به، وخبز الأرز غير متعارف في حق غير الطبري ثم يحنث بأكله إذا حلف لا يأكل الخبز (الشرح) إن حلف لا يدخل هذه الدار من بابها بهذا فدخلها من غير الباب أي من الممر بعد تجريده من الباب حنث، وإن دخلها من الممر الآخر الذي وضع فيه الباب لم يحنث، ومن أصحابنا من قال: إن دخل من الممر الذي كان فيه الباب لم يحنث لان الباب قد انتزع وهو قد حلف على الدخول منه، فإن دخل من الممر الذي ركب فيه حنث، والى هذا ذهب أحمد وأصحابه. وهذا خطأ، لان الباب هو الممر الذي منه الدخول والخروج، وليس هو المصراع القائم المتحرك، ولما كان الممر باقيا تعلق الحنث به وإن حلف لا يدخل من باب هذه الدار فعمل لها باب آخر في مكان آخر فدخلها منه ففيه وجهان أحدهما المنصوص في الأم، واليه ذهب أبو علي بن أبي هريرة أنه لا يحنث لتعلق اليمين بباب قائم مضاف إلى الدار، وهو الباب الأول، فلا تنعقد اليمين على الباب الثاني.
والثاني وهو قول أبي إسحاق الأسفراييني، وهو مذهب أحمد رضي الله عنه أنه يحنث، لأنه دخلها وقد حلف أن لا يدخلها من بابها، وقد صار هذا الباب الأخير بابها فينعقد اليمين به، كما لو حلف لا يدخل دار زيد فباع زيد داره واشترى أخرى، فإن الحنث يرتبط بالأخرى ارتباطه بالأولى قبل بيعها، ولا يتعلق اليمين بالأول بعد بيعها. وان قلع الباب ونصب في دار أخرى وبقى الممر حنث بدخوله ولم يحنث بدخوله من الموضع الذي نصب فيه الباب لأنها دار أخرى: لان الدخول من الممر لا من المصراع (مسألة) إذا حلف أن لا يدخل بيتا فدخل مسجدا أو حماما عاما، ومثل ذلك ما صنع على الشواطئ من أكشاك الاستراحة وخلع الملابس فإنه